الأحد، 25 ديسمبر 2011

نحو خطوبة ناجحة

د. دعاء أحمد راجح 

تزداد تساؤلات الشباب المقبلين على الزواج من الجنسين حول فترة الخطوبة و مدى أهميتها . وتتفاوت الأسئلة من أسئلة شرعية إلى أسئلة معرفية أو استشارية حول المشاكل التي تحدث أثناء فترة الخطوبة و هل هذه المشاكل تدعو إلى فك الارتباط أم لا . وتزداد المشكلة مع انتشار ظاهرة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج . فأصبح قرار فسخ الخطبة قرارا صعبا على الجنسين . وخاصة من قبل الفتيات حين لا تشعر بالارتياح لمن خطبها .

وقد تكون هناك عوامل أسرية ومجتمعية ونفسية يجعل قرار الفسخ صعبا و لكني أرى أن التراجع خلال هذه الفترة أفضل من التراجع بعد الزواج وإنجاب الأطفال .لابد أن يعلم الشباب أن فترة الخطوبة ما هي إلا فترة يتم فيها التعارف الجيد على الطرف الآخر واختبار مدى أهليته ليكون شريكا للحياة . وهذا هو الهدف الأول من فترة الخطوبة. ويقع الشباب في الخطأ حين يعتقدون أن الخطوبة هي وعد بالزواج يصعب التراجع عنه . وهنا تظهر الحكمة في إخفاء الخطوبة وعدم الإعلان عنها لأنها فترة اختبار قد تنجح وقد لا تنجح ولذلك يكون في إخفائها منعا للحرج من الطرفين وإعطائهم الفرصة لفسخها إن ثبت فشلها ولكي يتحقق الهدف الكامل من الخطوبة بحيث تكون خطوبة ناجحة محققة للهدف لابد أن تتوافر عدة خطوات لابد أن يعيها الشباب المقبل على الزواج من الجنسين أو هي وسائل هامة لتحقيق الهدف من الخطوبة (التعارف )

وأعتقد أن أولى خطوات الخطوبة الناجحة خطوة (اعرف نفسك ) . خلال هذه الخطوة التي لابد أن تسبق الإقدام على الخطوبة تتعرف فيها على نفسك على روحك وعقلك ونفسك وعاطفتك . على قيمك وأهدافك وخططك . وبناء على هذه المعرفة سيكون باستطاعتك تحديد ماذا تريد وما هي المواصفات التي تحبها في الطرف الآخر .
*الجانب الروحاني :و أقصد به درجة التزامك الإيماني ومدى أهمية التدين في حياتك لأن هذا الجانب يشكل

جزء كبيرا من دوافعك وقيمك وسلوكياتك . والناس في هذا الأمر درجات وأنواع تبعا

لقيامهم بالفرائض وارتكاب الكبائر والتقرب إلى الله بالنوافل وارتكاب الصغائر , وفارق


أيضا بين من يعلم في نفسه تقصيرا دينيا وبين من يعلم تقصيرا ولا ينوي الإصلاح .


*الهوية :


عندما يسألك إنسان من أنت ؟ فتجيب أنا (كذا ) فالهوية تحدد نظرتك إلى نفسك سواء
كانت سلبية أو ايجابية ...كيف تراها ؟ وما رأيك فيها ؟ منهم من يقول أنا مسلم . منهم من
يقول أنا طبيب . منهم من يقول أنا فاشل . منهم من يقول أنا كويتي . أو أنا خجول .....أنا

يائس ....أو أنا طموح . لابد عندما تسال نفسك من أنت ...أن تكون إجابتك


واضحة ...لأنها ستحدد الكثير من المعلومات عن نفسك .
فقولي مثلا أنا مسلم : يعني أن قيمي ومعتقداتي وسلوكياتي كلها نابعة من كوني
مسلما ,وعندما يقول إنسان أنا طبيب يعنى أن كل حياته واتجاهاته موجهه ناحية عمله
ووظيفته , وعندما تقول أنا خجول يعني أنك لا تحسن التعامل مع الناس وقد تتعرض


لمشاكل زوجية نتيجة لذلك

الاعتقادات :


هي ما تحمله في عقلك من أفكار تجاه الناس والمجتمع والعالم بأسره سواء كانت

اعتقادات سلبية أو إيجابية . و أكثر ما يؤثر على الحياة الزوجية هو اعتقاداتك ومفهومك

عن الزواج ؟ واعتقاداتك عن الجنس الآخر . فعندما أسألك ما هو الزواج ؟ فمن الناس

من يقول إنه الحب .. ومنهم من يقول إنه الجنس . ومنهم من يقول إنها الأمومة . ومنهم


من يقول إنه الحرية والانطلاق من قيد الأهل . ومنهم من يقول إنه الاستقرار.
كذلك اعتقاداتك تجاه الجنس الآخر : النساء كلهم أغبياء ....ناقصات عقل ودين ....خلقن


من ضلع أعوج ....النساء لا يفلح معهن إلا الشدة ....الأنوثة هي الجمال ....الأنوثة هي

العقل ...الأنوثة هي الرقة والنعومة ,الرجال كلهم خونة ....الرجال لا ينفع معهم إلا

العناد ...الرجال ظلمة .....الرجولة هي الأخلاق ....الرجولة هي الجمال ....الرجولة هي


القوة ....الرجولة هي المال .

يختلف اعتقاد الناس حول الزواج ..وحول مفهومهم للجنس الآخر ..حدد بصراحة ما هو

مفهومك عن الزواج وكيف تنظر للجنس الآخر .

*القدرات :
وهي ما يميزك من مهارات تختلف فيها عن الآخرين وما ينقصك أيضا من مهارات

تسبب لك مشاكل في حياتك , و أكثر ما يؤثر على حياتك الزوجية هي قدرتك على


التواصل مع الناس . هل تعاني من عدم القدرة على التواصل مع أخواتك ..مع

أصحابك ...مع أهلك ....أم أنك إنسان يسهل التعامل معه (يألف و يؤلف) , فبقدر قدرتك
على التواصل مع الآخرين سيكون قدرتك على التفاهم مع الطرف الآخر .


*سلوكياتك :


ما هي السلوكيات الايجابية التي يمدحها الناس فيك ؟ ما هي السلوكيات السلبية التي

يعانى منها المحيطين بك من أصحابك و أقاربك عند تعاملهم معك؟ أجب بكل صراحة

حتى تستطيع تقييم نفسك و بالتالي تحديد نقاط الضعف لديك .


*البيئة :
و أقصد بها الوسط الذي يعيش فيه أهلك وأصحابك وبلدك ومدى تأثيرها عليك؟

مثلا المستوى المادي والاجتماعي لأسرتك. هل أسرتك منفتحة أم منغلقة؟ ...هل أسرتك


متدينة أم لا؟ ....العادات والتقاليد المنتشرة في بيئتك ومدى اقتناعك بها ....هل أسرتك
أسرة مترابطة أم مفككة ؟...هل والدك أو والدتك شخصية متسلطة ؟
هذه هي المحددات الأولية لشخصية الإنسان لابد أن تعيها جيدا لتتعرف على نفسك


بوضوح تتعرف على نقاط الضعف ونقاط القوة لديك عندما تقدم /تقدمين على قرار
الزواج ستتعرف بشكل أفضل ماذا تريد في الطرف الآخر وكيف يمكن التفاهم معه
ومساعدتك على تقويتهافإن كنت مثلا إنسانا خجولا وغير اجتماعي قد تفضل في اختياراتك من يماثلك الطبع إن كنت راضيا عن طبعك , أو ستختار الاجتماعي الذي يعينك على تغيير هذا الطبع . وستكون صريحا معه تجاه هذه النقطة وتطلب منه أن يعينك على إصلاح هذا الطبع وبالتالي سيكون أكثر تفهما وأكثر قدرة على الصبر والتحمل . فعندما تعلم نقاط القوة في شخصيتك ستكون قادرا على استخدامها الاستخدام الأمثل لتقوية العلاقة بشريك حياتك . وعندما تعلم نقاط الضعف فإنك تكون قد خطوت خطوة جيدة نحو تطويرها وتنميتها إن أردت .
وعلى هذا الأساس ستختار شريك حياتك ....وستكون صريحا معه وستحدد له الدور الذي يمكن أن يلعبه كي يساعدك على تطويرها وسيكون هو/هي أكثر تفهما لهذه النقطة بحيث لا تسبب لكما مشاكل مستقبلية .
كيف تختار شريك حياتك ؟
عندما يقرر الشاب أو الفتاه اتخاذ قرار الزواج يقع الكثير من الشباب في دوامة الاختيار فترى الكثير من الشباب مترددا في التقدم إلى فتاة معينة أو مترددا في اتخاذ قرار الزواج منها بعد فترة خطوبة وترى الفتيات مترددات في إتمام مراسم الزواج ويتم الزواج بعد فترة تردد وهنا تبدأ المشكلات .

مستنقع خطير يقع فيه الشباب ألا وهو سوء الاختيار .


وهنا أحاول أن أبين للشباب المؤهلات الضرورية التي يبنى عليها قرار
الاختيار ..اختيار من يتقدم إليها ...من هي الأكثر مناسبة له و لشخصيته التي تعرف


عليها من خلال المقال الأول . وأبين للفتاه كيف تبني قرارها هل هذا الشاب يصلح لأن


يتقدم للخطبة أم لا يصلح .


أرشدنا رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم إلى أسس الاختيار الأولية للشاب فقال صلى


الله عليه و سلم : ((إن أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه )) . وأرشدنا إلى أسس


الاختيار الأولية للفتاة بقوله عليه أفضل الصلاة والتسليم : فاظفر بذات الدين تربت يداك .


يختلف الناس إلى حد كبير في كيفية الاختيار والمعايير التي يبنى عليها اختياره :


فمنهم من يختار بعقله (العقلاني منطقي ) فيختار طبقا لمعايير تمثل معتقداته وقيمه وظروفه الشخصية :


فمنهم من يميل إلى القريب : القريب في الشخصية ومحدداتها ...القريب في البيئة ...القريب في السكن ...القريب ضمن العائلة الواحدة ....القريب في

العمل .....القريب في المستوى الثقافي والعلمي والاجتماعي . وهذا الإنسان يفضل



التقارب بين شخصيته وشخصية الطرف الآخر بما يحقق قدرا كبيرا من التفاهم و الألفة .


ومنهم من يميل إلى البعيد : البعيد المختلف في الشخصية ...البعيد عن العائلة ...البعيد في


محل السكن ..البعيد في المستوى الثقافي أو الاجتماعي . وذلك لأن الاختلاف الذي يراه


في الطرف الآخر غالبا ما يكون عامل جذب له ...أو لإحداث نوع من التكامل بين الشخصيتين .
على سبيل المثال قد يكون الرجل من مستوى ثقافي وعلمي معين ....يفضل من تكون على
نفس مستواه الثقافي والعلمي . وآخر يفضل امرأة أقل ثقافة وعلما وذلك حسب فكرته ورؤيته للزواج وللمرأة .
ومن الفتيات من تميل إلى الانغلاق الاجتماعي مثلا ... تفضل المنفتح اجتماعيا لأنه يكون أكثر جاذبية لها فتنجذب له لإحداث التكامل و....وأخرى قد تميل إلى الشخصية المنغلقة مثلها .
ومن الناس من يكون اختياره بعينه (البصري ) كالذي يحترم قيمة الجمال الشكلي ويجعله معيارا هاما للاختيار فهذا يكون من أولويات اختياره هو مدى جمال المرأة ...أو مدى وسامة الرجل .


ومن الناس من يختار حسب العوامل النفسية والارتياح النفسي (عاطفي ): فيعتمد على حدسه في الاختيار ...حتى و إن بدا الفارق كبيرا من الناحية العقلية . وهنا يقع الخطأ من الكثير من الشباب والفتيات عندما تعتمد في اختيارها على حدسها وأحاسيسها فقط . فمن البنات من تحب أباها حبا شديدا . فترتاح و يميل قلبها إلى من يشبه أباها ، ومن الشباب من يحب أمه فيميل قلبه مباشرة إلى من تشبه أمه . ومن الفتيات من يتعلق قلبها بشخصية مشهورة وتميل إلى من يشبهه , ومن الفتيان من يتعلق بصورة معينة في ذهنه ويرتاح بمجرد أن يراها أمامه في صورة إنسانية . ومن الشباب من يختار بأذنيه (السمعي )فهو يقيم الناس حسب أسلوب كلامهم وأصواتهم بل ودرجة الصوت وحدته وهذا ما يحدث وينتشر بين الفتيات اللاتي يقعن فريسة لمن يمطرهن بكلمات الحب والعاطفة , أو المرأة الحسنة الصوت التي تتلاعب بقلوب الشباب وتوقعهم في حبائلها . ومن الشباب من يختار بحواسه (الحسي ) فهو ينجذب للمرأة الطيبة الرائحة الناعمة الملمس فيعتمد على حواسه الشم واللمس في انتقاء المرأة المناسبة .


و لكن يبقى السؤال الذي يردده الشباب كيف أعرف من أي نوع أنا ؟


وأجيب يمكن أن تلاحظ ما تميل إليه في الاختيار عندما تلاحظ شخصية من أحب الناس إليك والأقرب إلى قلبك . قد تكون الأم ...قد يكون الأب ...قد يكون صديقا أو صديقة ....قد يكون الأخت أو الأخ ....قد يكون زميلا أو زميلة العمل أو الدراسة . حاول بعد أن تتفهم شخصيتك وفق المعايير التي ذكرت في بداية المقال . ثم حاول تحليل شخصية من تحب وفق نفس المعايير ...لتتعرف على سماتها ومظاهرها وما أكثر ما جذبك إليها لتعرف أكثر هل تميل إلى القريب أم إلى البعيد ....إلى الجميل أم إلى المريح نفسيا ....إلى الذي يشبهني أم إلى الذي يختلف عنى ويتكامل معي . وهذه سنة الله تعالى في خلقه . إنهم مختلفون (ولا يزالون مختلفين ) ولو شاء الله تعالى لجعلهم امة واحدة . يختلف الناس في اختياراتهم وبدائلهم ولكن يبقى السؤال ؟ ما هو الأسلوب الأمثل في الاختيار ؟


أعتقد أنه ليس هناك أسلوب أمثل فالناس تختار أفضل البدائل لديهم كل حسب خرائطه العقلية وشخصيته وأفكاره ولكن الأهم من هذا أن تكون محددا في أمرين : من أنا ؟ وماذا أريد ؟


تحديد الأولويات خطوة نحو خطوبة ناجحة .


عندما يقدم الشاب على الزواج ويشرع في رسم صورة لشريكة حياته غالبا ما يقع في خطأ المثالية فهو يرسم صورة لشخصية جميلة متدينة مثقفة خلوقة من مستوى اجتماعي ومالي مرتفع . وعندما يواجه الواقع يظل يطرق الأبواب ويتقدم لخطبة الفتيات يبحث بينهن عن صورته التي رسمها في خياله فلا يجدها ، وتبحث الفتاة أيضا عن صورة مثالية جميلة لفارس أحلامها فهو وسيم متدين مثقف خلوق غنى عطوف وتظل الفتاة ترفض من يطرق
بابها من الخطاب لأنها تريد الصورة الخيالية في أحلامها أو أنها تقبل أيا منهم دون اقتناع تحت وطأة ضغط الأهل والمجتمع والخوف من شبح العنوسة .


لابد أن يعلم الشباب من الجنسين انه من الصعب بل من المستحيل أن يجد كل ما يتمناه في إنسان واحد تجتمع فيه كل المقومات التي يراها مناسبة في شريك حياته . لذلك كان لزاما تحديد الأولويات بمعنى تحديد الصفات التي لا يمكن التنازل عنها وتحديد الصفات الأقل أهمية .


فمثلا : تريد شريكة حياتك أن تكون :متدينة ..جميلة ...هادئة الطباع ..مثقفة ...متعلمة ...غنية . يمكن أن تقدم الدين والجمال بحيث لا يمكنك التنازل عن أي منهما ....كل حسب شخصيته وميوله . في حين يمكن لآخر أن يقدم العلم والثقافة ويتنازل عن الصفات الأخرى .


والفتاة تريد الشاب الوسيم ...المثقف ...ذا المركز الاجتماعي ...الغنى ...الخلوق . قد تشكل الوسامة أولوية أولى لإحداهن ، وأخرى يشكل الخلق لها الأهمية الكبرى ، وأخرى تعتبر الغنى أهم المقومات . وهكذا يختلف الناس اختلافا كثيرا في تحيد أولوياتهم . وكذلك تختلف قدرات البشر في مدى تقبل الصفات السلبية .


ويستحب أيضا تحديد الأولويات بالنسبة للصفات السلبية التي يمكن تقبلها والتأقلم معها والأخرى التي لا يمكنك احتمالها أو تقبلها . قد يتأقلم الرجل الهادئ الطبع مع المرأة عصبية المزاج .. في حين لا يمكن أن يتأقلم الرجل العصبي المزاج مع هذا الطبع . وقد تتأقلم الفتاة مع الرجل الغير منفتح اجتماعيا ولكن لا تحتمل الفتاة المنفتحة اجتماعية هذا النوع من الرجال .


وكذلك قد تتحمل فتاة الرجل السلطوي لأنها رأت أباها مع أمها بنفس الأسلوب ، في حين لا تتحمل أخرى هذا الرجل ....لأنها رأت النموذج الأكثر لينا والأكثر تفهما .
وهكذا تختلف أولوياتنا وتختلف مدى تقبلنا للصفات السلبية بحسب شخصياتنا .


ولكنى لابد أن أوجه إخواني وأخواتي المقبلين على الزواج إلى المنهج النبوي لتحديد الأولويات ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للفتاة : إن أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه .


فالدين والخلق لابد أن يشكلا أولى الأولويات لأي فتاة مسلمة ...فهما صمام الأمان لأي حياة مستقرة .... فإن كرهها فلن يظلمها وإن أحبها أكرمها . وأنبه إلى أن رسولنا الكريم قد فرق بين الدين والخلق ، فليس كل متدين خلوقا وليس كل خلوق متدينا . فينبغي ألا تخدعنا المظاهر ...فكثير ممن يبدو عليه سمت الالتزام الديني سيء الخلق ...أما التدين الحقيقي فانه يهذب الخلق لا محالة .
كما أوصى الشباب عند النكاح بالوصية الرائعة : (تنكح المرأة لمالها وحسبها وجمالها ودينها ...فاظفر بذات الدين تربت يداك ) . وأنبه إلى أن رسولنا الكريم لم يتجاهل هذه المقومات إطلاقا ولكن جعل الشاب المسلم يحدد الأولوية الأولى التي لا يمكن التنازل عليها ثم ليختر بعد ذلك ما يشاء .
كذلك ينبغي ألا ننخدع بالمظهر الديني . فكثير ممن مظهرهن وحجابهن يوحى بأنها متدينة قد لا تكون على الدرجة التي يوحى بها حجابها . فمظاهر مثل اللحية والحجاب .......هي مجرد مظهر من مظاهر التدين . وهي جزء بسيط من الدين فلتبحث عن الجزء الأهم
نفس مستواه الثقافي والعلمي . وآخر يفضل امرأة أقل ثقافة وعلما وذلك حسب فكرته ورؤيته للزواج وللمرأة .
ومن الفتيات من تميل إلى الانغلاق الاجتماعي مثلا ... تفضل المنفتح اجتماعيا لأنه يكون أكثر جاذبية لها فتنجذب له لإحداث التكامل و....وأخرى قد تميل إلى الشخصية المنغلقة مثلها .
ومن الناس من يكون اختياره بعينه (البصري ) كالذي يحترم قيمة الجمال الشكلي ويجعله معيارا هاما للاختيار فهذا يكون من أولويات اختياره هو مدى جمال المرأة ...أو مدى وسامة الرجل .


ومن الناس من يختار حسب العوامل النفسية والارتياح النفسي (عاطفي ): فيعتمد على حدسه في الاختيار ...حتى و إن بدا الفارق كبيرا من الناحية العقلية . وهنا يقع الخطأ من الكثير من الشباب والفتيات عندما تعتمد في اختيارها على حدسها وأحاسيسها فقط . فمن البنات من تحب أباها حبا شديدا . فترتاح و يميل قلبها إلى من يشبه أباها ، ومن الشباب من يحب أمه فيميل قلبه مباشرة إلى من تشبه أمه . ومن الفتيات من يتعلق قلبها بشخصية مشهورة وتميل إلى من يشبهه , ومن الفتيان من يتعلق بصورة معينة في ذهنه ويرتاح بمجرد أن يراها أمامه في صورة إنسانية . ومن الشباب من يختار بأذنيه (السمعي )فهو يقيم الناس حسب أسلوب كلامهم وأصواتهم بل ودرجة الصوت وحدته وهذا ما يحدث وينتشر بين الفتيات اللاتي يقعن فريسة لمن يمطرهن بكلمات الحب والعاطفة , أو المرأة الحسنة الصوت التي تتلاعب بقلوب الشباب وتوقعهم في حبائلها . ومن الشباب من يختار بحواسه (الحسي ) فهو ينجذب للمرأة الطيبة الرائحة الناعمة الملمس فيعتمد على حواسه الشم واللمس في انتقاء المرأة المناسبة .


و لكن يبقى السؤال الذي يردده الشباب كيف أعرف من أي نوع أنا ؟


وأجيب يمكن أن تلاحظ ما تميل إليه في الاختيار عندما تلاحظ شخصية من أحب الناس إليك والأقرب إلى قلبك . قد تكون الأم ...قد يكون الأب ...قد يكون صديقا أو صديقة ....قد يكون الأخت أو الأخ ....قد يكون زميلا أو زميلة العمل أو الدراسة . حاول بعد أن تتفهم شخصيتك وفق المعايير التي ذكرت في بداية المقال . ثم حاول تحليل شخصية من تحب وفق نفس المعايير ...لتتعرف على سماتها ومظاهرها وما أكثر ما جذبك إليها لتعرف أكثر هل تميل إلى القريب أم إلى البعيد ....إلى الجميل أم إلى المريح نفسيا ....إلى الذي يشبهني أم إلى الذي يختلف عنى ويتكامل معي . وهذه سنة الله تعالى في خلقه . إنهم مختلفون (ولا يزالون مختلفين ) ولو شاء الله تعالى لجعلهم امة واحدة . يختلف الناس في اختياراتهم وبدائلهم ولكن يبقى السؤال ؟ ما هو الأسلوب الأمثل في الاختيار ؟


أعتقد أنه ليس هناك أسلوب أمثل فالناس تختار أفضل البدائل لديهم كل حسب خرائطه العقلية وشخصيته وأفكاره ولكن الأهم من هذا أن تكون محددا في أمرين : من أنا ؟ وماذا أريد ؟


تحديد الأولويات خطوة نحو خطوبة ناجحة .


عندما يقدم الشاب على الزواج ويشرع في رسم صورة لشريكة حياته غالبا ما يقع في خطأ المثالية فهو يرسم صورة لشخصية جميلة متدينة مثقفة خلوقة من مستوى اجتماعي ومالي مرتفع . وعندما يواجه الواقع يظل يطرق الأبواب ويتقدم لخطبة الفتيات يبحث بينهن عن صورته التي رسمها في خياله فلا يجدها ، وتبحث الفتاة أيضا عن صورة مثالية جميلة لفارس أحلامها فهو وسيم متدين مثقف خلوق غنى عطوف وتظل الفتاة ترفض من يطرق
بابها من الخطاب لأنها تريد الصورة الخيالية في أحلامها أو أنها تقبل أيا منهم دون اقتناع تحت وطأة ضغط الأهل والمجتمع والخوف من شبح العنوسة .


لابد أن يعلم الشباب من الجنسين انه من الصعب بل من المستحيل أن يجد كل ما يتمناه في إنسان واحد تجتمع فيه كل المقومات التي يراها مناسبة في شريك حياته . لذلك كان لزاما تحديد الأولويات بمعنى تحديد الصفات التي لا يمكن التنازل عنها وتحديد الصفات الأقل أهمية .


فمثلا : تريد شريكة حياتك أن تكون :متدينة ..جميلة ...هادئة الطباع ..مثقفة ...متعلمة ...غنية . يمكن أن تقدم الدين والجمال بحيث لا يمكنك التنازل عن أي منهما ....كل حسب شخصيته وميوله . في حين يمكن لآخر أن يقدم العلم والثقافة ويتنازل عن الصفات الأخرى .


والفتاة تريد الشاب الوسيم ...المثقف ...ذا المركز الاجتماعي ...الغنى ...الخلوق . قد تشكل الوسامة أولوية أولى لإحداهن ، وأخرى يشكل الخلق لها الأهمية الكبرى ، وأخرى تعتبر الغنى أهم المقومات . وهكذا يختلف الناس اختلافا كثيرا في تحيد أولوياتهم . وكذلك تختلف قدرات البشر في مدى تقبل الصفات السلبية .


ويستحب أيضا تحديد الأولويات بالنسبة للصفات السلبية التي يمكن تقبلها والتأقلم معها والأخرى التي لا يمكنك احتمالها أو تقبلها . قد يتأقلم الرجل الهادئ الطبع مع المرأة عصبية المزاج .. في حين لا يمكن أن يتأقلم الرجل العصبي المزاج مع هذا الطبع . وقد تتأقلم الفتاة مع الرجل الغير منفتح اجتماعيا ولكن لا تحتمل الفتاة المنفتحة اجتماعية هذا النوع من الرجال .


وكذلك قد تتحمل فتاة الرجل السلطوي لأنها رأت أباها مع أمها بنفس الأسلوب ، في حين لا تتحمل أخرى هذا الرجل ....لأنها رأت النموذج الأكثر لينا والأكثر تفهما .
وهكذا تختلف أولوياتنا وتختلف مدى تقبلنا للصفات السلبية بحسب شخصياتنا .


ولكنى لابد أن أوجه إخواني وأخواتي المقبلين على الزواج إلى المنهج النبوي لتحديد الأولويات ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للفتاة : إن أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه .


فالدين والخلق لابد أن يشكلا أولى الأولويات لأي فتاة مسلمة ...فهما صمام الأمان لأي حياة مستقرة .... فإن كرهها فلن يظلمها وإن أحبها أكرمها . وأنبه إلى أن رسولنا الكريم قد فرق بين الدين والخلق ، فليس كل متدين خلوقا وليس كل خلوق متدينا . فينبغي ألا تخدعنا المظاهر ...فكثير ممن يبدو عليه سمت الالتزام الديني سيء الخلق ...أما التدين الحقيقي فانه يهذب الخلق لا محالة .
كما أوصى الشباب عند النكاح بالوصية الرائعة : (تنكح المرأة لمالها وحسبها وجمالها ودينها ...فاظفر بذات الدين تربت يداك ) . وأنبه إلى أن رسولنا الكريم لم يتجاهل هذه المقومات إطلاقا ولكن جعل الشاب المسلم يحدد الأولوية الأولى التي لا يمكن التنازل عليها ثم ليختر بعد ذلك ما يشاء .
كذلك ينبغي ألا ننخدع بالمظهر الديني . فكثير ممن مظهرهن وحجابهن يوحى بأنها متدينة قد لا تكون على الدرجة التي يوحى بها حجابها . فمظاهر مثل اللحية والحجاب .......هي مجرد مظهر من مظاهر التدين . وهي جزء بسيط من الدين فلتبحث عن الجزء الأهم




جمع المعلومات من أجل خطوبة ناجحة .


يعتبر الكثير من الشباب أن فترة الخطوبة هي فترة لنمو العاطفة بين الطرفين ويسعى إلى العيش في جو شاعري رومانسي جميل خلال هذه الفترة ويجهل أو ينسى أن الهدف الأول من فترة الخطوبة هو التعرف الجيد على الطرف الآخر بجمع أكبر قدر من المعلومات وتقييم مدى صلاحيته لمشاركته مشوار حياته . ولذلك كان جمع المعلومات عن الطرف الآخر من أهم الوسائل لتحقيق الهدف الأول من الخطوبة .


ويكون جمع المعلومات بطريقين أساسيتين لا غنى لأحدهما عن الآخر:


1- طريق مباشرة
2- طريق غير مباشرة


والطريق المباشرة تعنى السؤال المباشر للطرف الآخر . الخاطب يسأل المخطوبة , والمخطوبة تسأل الخاطب. وهذه القضية المحورية التي لابد أن يرتكز حولها حديث الطرفين أثناء فترة الخطوبة .
ولا يعني بالطبع أن تتحول الجلسات بين الخاطب والمخطوبة إلى جلسة تحقيق ولكن مجرد وعي الشاب والفتاة بالهدف من الخطوبة والإدراك الكامل عن ماذا أسأل ؟ يجعل جلسات فترة الخطوبة جلسات إيجابية بشكل كبير توصل إلى الهدف وهو التعارف .


وأعتقد أن أفضل ما يسأل عنه هو محددات الشخصية التي ذكرتها سابقا في مرحلة (اعرف نفسك ) . للتعرف على الشخصية ثم لمعرفة العوامل التي أثرت فيها . على سبيل المثال :


*عندما أسأل عن الجانب الإيماني :
أسأل عن الفرائض ومدى الالتزام بها : الصلاة ..صلاة الفجر ....المحافظة عليها في المسجد للشباب ...الصيام ...أداء الحج ...الزكاة لمن يملك المال .
أسأل عن النوافل ..قراءة القران ...الصدقة ...صيام النافلة ....العمرة .الصلوات النوافل .
كذلك من المهم أن أتعرف على العوامل التي أثرت على الالتزام الديني ..دور الأهل ....دور المسجد ...دور الأصحاب ...دور وسائل الإعلام .


*عندما أسأل عن الهوية : أسأل عن الطموحات المستقبلية ...الأهداف ...ماذا يفعل الآن؟ ...ما هي اهتماماته؟ ...ما هي هواياته ؟


*وعندما أسأل عن الأفكار : أسأله عن آرائه في الدين . في السياسة .في العلاقة الزوجية الناجحة . في الأبناء وتربيتهم ...في المبادئ والقيم العامة كالحب ..الصداقة ..الأمومة ...الصدق ...الأمانة ..العفو


*وعندما أسأل عن جانب القدرات : هواياته ...علاقته بالرياضة ...القراءة ... ...أماكن الترفيه التي يذهب لها .... ماذا أقرأ؟....ماذا تشاهد في التلفاز ؟...الانترنت ...المواقع التي تدخل عليها أو يشارك فيها ...إتقانه للغة الانجليزية ...إتقانه لحرفة يدوية .


*وعندما أسأل عن سلوكياته : أسأله عن أكثر ما يشيد به أقرانه (الصفات الايجابية ) ...وأسأله عن أي سلوكيات سلبية يمكن أن تؤثر في العلاقة الزوجية مثلا ( العصبية ..قلة الكلام ....البخل ...الشك ) عن طريق أسئلة بالطبع ليست مباشرة . هل هو انفتاحي أم منغلق ....هل هو منطقي أو عاطفي . هل هو واقعي أم خيالي . هل هو منظم محكم أم تلقائي .


*وعندما أسأل عن البيئة : عن مدى علاقته بأهله ومدى تدخلهم في حياتكم بعد الزواج . عن علاقته بأصدقائه ومن هم ؟ ومدى انتمائه لهم ومدى أثر هذه العلاقة على الزواج . علاقته بعمله وساعات العمل . وهل سيؤثر عمله على تواجده في البيت و كيفية تنظيم هذا . ومدى تأثير هذه العوامل على شخصيته . علاقته بالمسجد وإخوانه في المسجد


والمهم عند السؤال هو فن السؤال ...فلا تسأل الفتاة أو الشاب أسئلة استجوابية . بشكل يحرج الطرف الآخر . والأفضل أن تبدأ هي أو يبدأ هو بعرض أفكاره وعرض نفسه في جانب معين ثم استيضاح رأى الآخر في هذا الجانب . وكما نعلم جميعا فإن احتمالات الخداع في هذه الفترة كبير. فكل منهما يحاول أن يظهر أحسن ما عنده لذلك كان ضروري اللجوء إلى الطريق غير المباشر مع الطريق المباشر .


أما الطريق غير المباشرة فهي السؤال عن الخاطب أو المخطوبة . ويكون مصدر المعلومات من محل عمله . من أصدقائه ...من معارفه ...من أهله ...من جيرانه ..من مسجد الحي الذي يسكن فيه .
والسؤال الغير مباشر لابد أن يركز على الجوانب السلبية في شخصية الخاطب أو المخطوبة والتي يصعب التحري عنها بالطريق المباشر . فعند السؤال عن الجانب الإيماني يستحب السؤال عن علاقته بالكبائر كعلاقات بالفتيات ...شرب الخمر ...لعب القمار ...المخدرات ....أدائه للصلوات .
وعند السؤال عن جانب الهوية : أسأل عن مدى نجاحه في عمله . عن مدى جديته . مدى تفوقه. رأي رؤسائه فيه ...رأي زملائه فيه ...انجازاته وأعماله .
وعند السؤال عن معتقداته : هل يعتنق أفكار مضلله كالعلمانية اللادينية. أو التكفيرية.الإرهابية .
عند السؤال عن قدراته : قدراته المادية مثلا ....هواياته ....كيف و أين يقضي وقت فراغه .
عند السؤال عن سلوكياته : ويركز في السؤال عن السلوكيات السلبية مثلا . عصبي ...سباب ...بخيل ...شكاك ....منافق .
عند السؤال عن بيئته : أهله ...عمله ...أصدقائه ...الأماكن التي يرتادها غالبا .


ولابد أن تأخذ هذه الفترة حقها ولا يقتصر على رأي واحد أو اثنين .....بل إن جمع المعلومات من الجهات المختلفة يضمن مصداقيتها ويعطي فكرة عامة عن شخصية الإنسان .


أناشد كل أب يسعى إلى زواج ابنته والاطمئنان عليها ألا يتجاهل هذه الخطوة الهامة وألا يهمل في السؤال عن الخاطب وألا ينخدع بما يقوله هو شخصيا عن نفسه وأن يعطي هذه الخطوة حقها من الأهمية. وبعد جمع المعلومات بالطرق غير المباشرة يتم مقابلتها بالمعلومات التي أخذت من الخاطب بشكل مباشر وهذا مما يقلل إلى حد كبير من إمكانية الخداع والتضليل في هذه الفترة.







http://www.almostshar.com/web/Subject_Desc.php?Subject_Id=807&Cat_Subject_Id=17&Cat_Id=1#

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق