د. عبدالمجيد طاش
يعتبر مصطلح الممارسة المباشرة direct practice والممارسة العيادية clinical practice من المصطلحات الحديثة نسبيا في الخدمة الاجتماعية، وفي الحقيقة فإن مصطلح الممارسة في الخدمة الاجتماعية social work practice لم يستخدم قبل عام 1970م، فقبل هذا التاريخ كان
مصطلح الممارسة يحدد من خلال المناهج أو الطرق ومجالات الممارسة، وكان ينظر إلى الأخصائيين الاجتماعيين كعاملين مع الأفراد caseworkers، أو عاملين مع الجماعات group workers، أو كمنظمي للمجتمع community organizers، أو عاملين في مجال رعاية الطفولة child welfare workers، أو كأخصائيين اجتماعيين في المجال النفسي psychiatric social workers، أو كأخصائيين اجتماعيين يعملون في المجال المدرسي school social workers، أو أخصائيين اجتماعيين طبيين medical social workers.
ومع توحيد المهنة عام 1955م وتدشين مجلتها (مجلة الخدمة الاجتماعية) بدأ التحول التدريجي من النظرة التقليدية القديمة للخدمة الاجتماعية إلى نظرة أكثر تحديدا لممارسة مهنة الخدمة الاجتماعية، وقد تسارع هذا التحول خلال فترة الستينات والسبعينات عندما قاد الاضطراب والقلق الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحدي وانتقاد جميع المؤسسات والمنظمات بما فيها مؤسسات الخدمة الاجتماعية، وجماعات الأقليات، والجماعات المنظمة للفقراء واتهام مهنة الخدمة الاجتماعية بعدم قدرتها على مواجهة الحاجات الملحة والمتغيرة للناس.
وقد كان هذا الاتهام صحيح – إلى حد ما – بسبب أن كثيرا من الأخصائيين الاجتماعيين انخرطوا في تلك الفترة في أنشطة محدودة تميزت بتركيزها على التوجه العلاجي ولم يحاول هؤلاء الأخصائيين الاجتماعيين النظر إلى المشكلات الاجتماعية الملحة والمتغيرة للناس والتعامل معها.
وحتى هذه المرحلة (فترة الاضطراب الاجتماعي) كانت طريقة دراسة الحالة هي الطريقة المسيطرة على أنشطة الخدمة الاجتماعية، وقد استخدمت هذه الطريقة في مجالات مختلفة ومتنوعة بهدف مساعدة الأفراد والأزواج والأسر للتكيف مع المشكلات التي كانت تعوق أداءهم الاجتماعي social functioning ، كما استخدم الأخصائيون الاجتماعيون طريقة العمل مع الجماعات في المعسكرات settlement houses، والجوار neighborhood، وفي الشوارع مع العصابات الشبابية youth gangs، وفي المستشفيات وغيرها من الأماكن، إلا أن حجم العملاء المستهدفين من هذه الخدمات كان كبيرا، كما أن أهداف عملية المساعدة لم تكن موجهة نحو المشكلات الاجتماعية بصفة عامة.
لقد كان لجهود ومحاولات (Gordon, 1965; Bartlett, 1970) لتشكيل هيكل أو نظام للممارسة في الخدمة الاجتماعية يتضمن الأهداف purposes والقيم values والقوانين والمعرفة knowledge والمهارات الأساسية basic skills الأثر البالغ في اتساع صورة الممارسة في الخدمة الاجتماعية مما أدى إلى تبني المجلس التعليمي للخدمة الاجتماعية Council on Social Work Education لهذا التوجه.
كما قامت العديد من مدارس الخدمة الاجتماعية بالاعتماد عليها في تدريس الخدمة الاجتماعية لطلابها.
ويشير (Hepworth & Larsen, 1990) إلى أن الممارسة المباشرة في الخدمة الاجتماعية تتضمن دراسة الحالة والعمل مع الجماعات والعلاج الأسري والزوجي، وأن الممارسين المباشرين يركزون جهودهم على التعامل مع هذه النوعية من العملاء من خلال التعاون والتنسيق مع غيرهم من المختصين والعاملين في المؤسسات والمنظمات المختلفة. ويقوم الممارس المباشر بأداء أدوار متنوعة بجانب تقديم الخدمات من خلال علاقة الوجه لوجه.
ويستخدم كثير من الممارسين مصطلح الممارسة العيادية clinical practice كمرادف لمصطلح الممارسة المباشرة بينما يربط بعض الممارسين مصطلح الممارسة العيادية بالعلاج النفسي psychotherapy الذي يمارس في مؤسسات الصحة العقلية أو مؤسسات الممارسة الخاصة وغيرها من المؤسسات المشابهة، ويرى البعض الآخر أن مصطلح الممارسة المباشرة يشمل جميع الأدوار التي يقوم بها الأخصائي الاجتماعي بما فيها العلاج النفسي أي أن مصطلح الممارسة المباشرة أشمل وأعم من مصطلح الممارسة العيادية.
عرف قاموس الخدمة الاجتماعية الصادر عن الاتحاد الدولي للأخصائيين الاجتماعيين (NASW) الممارسة المباشرة بأنها مجموعة الأنشطة المهنية التي تهدف إلى خدمة العملاء وتحقيق أهدافهم من خلال الاتصال الشخصي personal contact والتأثير المباشر والفوري immediate influence ، وأنه على العكس من الممارسة غير المباشرة indirect practice التي تهدف إلى إنجاز الأهداف الاجتماعية من خلال تنمية الفرص الإنسانية (Barker, 1991) .
ويرى (Pinderhughes, 1995) أن الممارسة المباشرة في الخدمة الاجتماعية تعني العمل مع الأفراد الذين يعانون من مشكلات اجتماعية، والأفراد الذين يتوقع مواجهتهم لمخاطر الوقوع في هذه المشكلات، وأن هذا النوع من الممارسة معروف لدى الممارسين باسم الممارسة العامة micro practice أو الممارسة الأكلينيكية clinical practice وأنها تتعامل مع الأفراد والزوجين والأسر والجماعات الصغيرة.
أما (Collins & Kayser, 1992) فيشير إلى أن الممارسة المباشرة ترتبط بعمليات المساعدة، والعلاج الاجتماعي social treatment التي يقدمها الأخصائي الاجتماعي وذلك من خلال تقديم خدمات مباشرة كالعلاج therapy، والإرشاد counseling، والتعليم education، والدفاع عن حقوق ومصالح العملاء advocacy، وتوفير أو تزويد العملاء بالمعلومات provision of information، والقيام بعمليات التحويل referral. أما الممارسة غير المباشرة indirect practice فترتبط بالأنشطة التي تركز على البناء والأنظمة التي تقوم على تقديم الخدمات وذلك من خلال عمليات التخطيط planning، وتحليل السياسات policy analysis، وتنمية أو تطوير البرامج programs development، والإدارة administration، وتقويم البرامج programs evaluation(Connaway & Gentry, 1988).
وتتلخص أهداف الممارسة المباشرة وغير المباشرة في الخدمة الاجتماعية في محاولة مساعدة الأفراد والأسر والجماعات للتكيف مع بيئتهم، وتعزيز قدراتهم التكيفية، وتدعيم قدراتهم على حل المشكلات، وربطهم بالموارد والخدمات والبرامج المتاحة في المجتمع المحلي، وتوفير الفرص الملاءمة لهم للنمو (Pinderhughes, 1995).
وفيما يتعلق بميادين ومجالات الممارسة التي يعمل بها الأخصائيون الاجتماعيون اليوم أشار (Collins & Kayser, 1992) إلى أن إعداد الأخصائيين الاجتماعيين يتركز حول إعدادهم للعمل في المؤسسات الاجتماعية، والعيادات المتخصصة، والمستشفيات، والمدارس، ومراكز الرعاية النهارية day care centers ، والشركات والمؤسسات الإنتاجية والصناعية، ومراكز التأهيل، والمحاكم، والسجون، والمؤسسات الحكومية، والمؤسسات التشريعية.
أما (Compton & Galway, 1994) فيشيران إلى أن المشكلات التي تعامل معها الأخصائي الاجتماعي الذي يعمل في مجال الممارسة المباشرة تتضمن: مشكلات البحث عن عمل، ومشكلات البحث عن سكن، والمشكلات المترتبة على دخول المدرسة، ومشكلات رعاية الأطفال وكبار السن، وتعليم مهارات الوالدية parenting skills، ومشكلات التكيف مع الأمراض الجسمية physical والانفعالية emotional والعقلية mental، والتعامل مع حالات التنويم hospitalization، والتكيف مع الاكتئاب depression، وضعف الأداء العملي أو الوظيفي poor work performance، والصراعات الزوجية marital conflicts، والاختلال الوظيفي الأسري family dysfunction، وضعف العلاقات الاجتماعية poor social relationships، وإدمان الكحول والمخدرات substance abuse، والعنف violence، وغيرها من المشكلات التي تعطل الفرد عن أداء أدواره الاجتماعية بصورة طبيعية.
وتتضمن مهارات الممارسة المباشرة القدرة على تحويل المعرفة في الخدمة الاجتماعية إلى أنشطة تدخلية فعالة effective intervention activities مع الأفراد والأسر والجماعات والمجتمعات. ويرى (Middleman & Wood, 1990) أن مهارات الممارسة المباشرة في الخدمة الاجتماعية تشمل:
1- مهارات عقلية داخلية inner skills كمهارات الملاحظة والإدراك الحسي والقدرة على الفهم والمهارات العقلية المعرفية cognitive skills.
2- مهارات تفاعلية interactional skills كمهارات التعامل مع المشاعر والمعلومات.
3- مهارات استراتيجية strategic skills كمهارات التعامل مع السلوكيات والتكيف مع الصراعات.
ونرى أن الممارسة المباشرة هو تدخل يهدف إلى تقدير مشكلات العملاء ومساعدتهم في حلها والتغلب عليها من خلال استخدام مناهج دراسة الحالة والعمل مع الجماعات والعلاج الأسري، ولهذا فإن الممارس المباشر بحاجة إلى المعارف والمعلومات الضرورية المرتبطة بعملية حل المشكلات problem-solving process وتطبيقاتها. ولعل هذا يتطلب أيضا معرفة الممارس بأساليب ومهارات تقدير المشكلات الإنسانية، وتحديد الموارد وتنميتها وتطويرها وكيفية الاستفادة منها لصالح العملاء، ومهارات في كيفية إشراك العملاء في العملية العلاجية، والتخطيط لها، وتحديد أهدافها، وتحديد أدوار وواجبات ومهام كل من الممارس والعميل في كل ذلك.
كما يحتاج الممارس إلى معرفة بطرق وأساليب التدخل ومهارات استخدامها وتطبيقها. ويؤكد (Hepworth & Larsen, 1990) أن الأخصائي الاجتماعي الممارس ينبغي عليه أن يمتلك المعرفة والمهارات في إجراء المقابلات interviews ، وفي تقدير مشكلات الأفراد والأسر والجماعات، والمواقف التي تؤدي إلى حدوث المشكلات والتدخل فيها، ومعرفة بعمليات الجماعة group process ، ومهارات قيادة الجماعات، والعمل مع الآخرين خاصة المختصين الذين يعمل معهم، ومهارات التفاوض والتوسط، والدفاع عن مصالح العملاء وتمثيلهم أما الجهات الرسمية، والحصول على الموارد.
فلسفة الممارسة المباشرة
للممارسة المباشرة في الخدمة الاجتماعية كغيرها من المهن الإنسانية الأخرى مجموعة من المبادئ والقيم الأخلاقية والاتجاهات الأساسية التي ينبغي على الممارسين الالتزام والتقيد بها وذلك لما لها من أثر بالغ في إنجاح عملية المساعدة وتحقيق أهدافها. وقد حاول كثير من المختصين تحديد هذه القيم والاتجاهات نذكر منها ما يلي:
حدد الاتحاد الدولي للأخصائيين الاجتماعيين عشر قيم أساسية لممارسة مهنة الخدمة الاجتماعية هي:
1- التعهد والالتزام بقيمة وأهمية وكرامة الفرد في المجتمع.
2- احترام سرية العلاقة مع العملاء.
3- التعهد والالتزام بإحداث التغير الاجتماعي لمقابلة الحاجات المجتمعية.
4- الاستعداد بالفصل بين المشاعر والحاجات الشخصية والعلاقة المهنية.
5- الاستعداد لنقل المعرفة والمهارة للآخرين.
6- احترام وتقدير الفروق الفردية بين الأفراد وبين الجماعات.
7- التعهد والالتزام بمساعدة العملاء لتنمية قدراتهم إلى الحد الذي يسمح لهم بمساعدة أنفسهم.
8- التعهد والالتزام ببذل كل جهد ممكن لصالح العملاء وتحمل المشاق والصبر.
9- التعهد والالتزام بتحقيق العدالة الاجتماعية لكل أفراد المجتمع.
10- التعهد والالتزام بأعلى معدلات للأداء الشخصي والمهني.
أما (Hepworth & Larsen, 1990) فيلخصا فلسفة التدخل المباشر في الخدمة الاجتماعية في المبادئ التالية:
1- إيمان الأخصائي الاجتماعي بقدرة الناس على اتخاذ القرار والاختيار، والقدرة على توجيه حياتهم إذا أعطوا الفرصة لذلك.
2- إن مساعدة الناس تستلزم تحمل مسؤولية مساعدتهم إلى أقصى حد ممكن لكي يعتمدوا على أنفسهم واستغلال جميع طاقاتهم وجوانب القوة فيهم.
3- إن مساعدة الناس هي مسؤولية تستلزم العمل تجاه تغيير المؤثرات والأوضاع البيئية السلبية.
4- إن السلوك الإنساني هو سلوك هادف وموجه.
5- إن الناس قادرون على تعلم سلوكيات جديدة، وأن مسؤولية الأخصائي الاجتماعي تتركز حول مساعدتهم لاكتشاف قدراتهم والاستفادة منها لإحداث التغيير ولزيادة النمو.
6- إن معظم الصعوبات التي تواجه الناس يمكن التغلب عليها من خلال حل المشكلات الحالية.
7- من خلال الحصول على المعلومات وتعلم مهارات جديدة يستطيع الناس حل مشكلاتهم والتغلب على الصعوبات التي تواجههم في حياتهم، كما يستطيعون تحقيق نموهم الشخصي.
8- إن معظم المشكلات التي يقع فيها الناس هي نتاج المجتمع والأنظمة الموجودة فيه، ومن خلال تعلم أساليب مواجهة فعالة يستطيع الناس إحداث تغييرات إيجابية في هذه الأنظمة.
9- إن النمو الإنساني عبارة عن مجموعة من الخبرات والتجارب التي ينبغي الاستفادة منها في مواجهة المشكلات.
10- إن الإنسان يريد أن يحقق ذاته ويشعر بقيمته وكرامته وهي حاجة أساسية وطبيعية في كل إنسان، وعلى المحيطين توفير هذه الحاجة وإشباعها.
11- إن النمو الإنساني يظهر من خلال علاقة الإنسان مع الآخرين، وبالتالي فإن نمو علاقة المساعدة تعتمد بدرجة كبيرة على مقدار الحب والتقبل والاحترام والتقدير والتشجيع الذي توفره هذه العلاقة.
12- إن الإنسان بحاجة إلى أن يمارس شخصيته، ويشبع حاجاته واهتماماته، ولهذا ينبغي أن تتاح له فرصة التعبير والعمل.
13- إن أي أسلوب تدخل علاجي يستخدمه الأخصائي الاجتماعي لإحداث التغيير المنشود ينبغي أن يراعي كرامة العميل وقيمته وحريته في اتخاذ القرار وخصوصيته وتفرده.
14- إن الوعي بالنفس هي الخطوة الأولى لفهم وإدراك ومعرفة النفس.
15- إن للناس الحق في اختيار قيمهم ومبادئهم واتجاهاتهم، وليس لأحد الحق في فرض قيم أو سلوكيات عليهم.
مهام وأدوار الممارس المباشر
لخص (Lister, 1987) أهم المهام والأدوار التي يقوم بها الممارس لمهنة الخدمة الاجتماعية في التالي:
1- توفير الخدمات المباشرة direct provision of services للعملاء.
2- القيام بدور الموصل system linkage role والمنسق.
3- المحافظة على النظام وتعزيزه system maintenance and enhancement .
4- الباحث researcher .
5- تنمية وتطوير النظام system development .
أولا: توفير الخدمات المباشرة.
يقوم الأخصائي الاجتماعي بتوفير الخدمات المباشرة لعملائه وذلك من خلال تقديم الخدمات التالية:
1- خدمات دراسة الحالة والإرشاد counseling.
2- العلاج الزوجي والأسري marital and family therapy بما فيها عقد الجلسات الفردية individual sessions والجلسات المشتركة conjoint sessions والجلسات الجماعية group sessions .
3- العمل الجماعي group work بما فيها العمل مع جماعات المساندة الاجتماعية social support groups ، والجماعات العلاجية therapy groups ، وجماعات المساعدة الذاتية self-help groups ، وجماعات تنمية المهارات skills development groups .
4- دور المعلم educator role وموفر المعلومات disseminator of information ، فالممارس قد يعمل على توفير المعلومات خلال الجلسات الفردية والجماعية والمشتركة، أو يقوم بدور المعلم للجماعات أو للجمهور والعامة. ويرى (Barker, 1991) أن دور المعلم يستلزم قيام الأخصائي الاجتماعي بتعليم العملاء المهارات التكيفية الضرورية التي تساعدهم على مواجهة المشكلات والتغلب عليها وذلك من خلال توفير المعلومات ذات الصلة بطريقة سهلة ومفهومة، وتقديم النصائح والاقتراحات، وتحديد البدائل والنتائج المترتبة على كل بديل، هذا بالإضافة إلى تمثيل السلوكيات، وتوضيح الأفكار، وتعليم أساليب حل المشكلات teaching problem-solving techniques.
ثانيا: دور الموصل.
حيث أن كثيرا من العملاء بحاجة إلى الموارد – خاصة من المؤسسات الخارجية والمحلية – ويفتقدون القدرة على الوصول إليها والاستفادة منها بشكل صحيح، لهذا يقوم الأخصائي الاجتماعي بدور الموصل أو الرابط بين هذه الموارد العملاء. ويرى (Barker, 1991) أن الوصل أو الربط linkage يستلزم قيام الأخصائي الاجتماعي بالعمل على جمع مختلف الموارد والخدمات المقدمة من المؤسسات الاجتماعية، وجهود العاملين فيها، وجهود الجماعات التطوعية، وتنسيق كل ذلك لخدمة عميل أو هدف اجتماعي.
ويتضمن هذا الدور أيضا قيام الأخصائي الاجتماعي بالمهام والأدوار التالية:
1- دور الوسيط broker role أي مساعدة العملاء (فرد وأسرة وجماعة) في تحديد الموارد والخدمات المجتمعية المتاحة وربطهم بها. ويتطلب هذا الدور من الأخصائي الاجتماعي معرفة بالموارد المجتمعية المتاحة والقيام بعمليات التحويل المناسبة. ويؤكد (Hepworth & Larsen, 1990) أن القيام بهذا الدور يتطلب مهارات خاصة بعمليات التحويل ومراقبة العملاء والتأكد من حصولهم على الخدمات المطلوبة والاستفادة منها على الوجه الصحيح.
2- القيام بدور مدير الحالة ومنسقها case manager / coordinator أو ما يسمى "بإدارة الحالة" وإدارة الحالة هو إجراء للتخطيط والبحث ومراقبة الخدمات المقدمة من مجموعة من المؤسسات لصالح عميل، وأن من المعتاد أن تقوم إحدى المؤسسات بتحمل المسؤولية كاملة عن الحالة ويقوم الأخصائي الاجتماعي المكلف بالحالة بالعمل على تنسيق جميع الخدمات المقدمة لها والدفاع عن حقوقها ومصالحها. ويستخدم هذا الإجراء مع الحالات التي تفتقد القدرة على الاستفادة بشكل سليم من عمليات التحويل، ففي مثل هذه الحالات يقوم الأخصائي الاجتماعي بتحمل المسؤولية المباشرة عن الحالة لمساعدتها وعمل الترتيبات اللازمة لها، وتنسيق الخدمات التي تقدم لها من المؤسسات الأخرى، والعمل معها لضمان حصولها على تلك الخدمات في الوقت الملائم وحسب حاجاتها.
3- القيام بدور الوسيط والحكم mediator / arbitrator وذلك في حالة ظهور بعض الصعوبات والمعوقات التي تحول دون استفادة العميل من خدمات وبرامج المؤسسة المحول إليها، حيث يواجه بعض العملاء بمثل هذه الصعوبات نتيجة لعوامل مختلفة منها عدم قدرتهم على عرض حاجاتهم بصورة صحيحة، أو بسبب تعقد الإجراءات المؤسسية، وفي مثل هذه الحالات يقوم الأخصائي الاجتماعي بدور الوسيط للحد من هذه المعوقات والتغلب عليها. ويرى (Chandler, 1985) أن دور الوسيط يتطلب من الأخصائي الاجتماعي الاستماع إلى آراء ومشاعر الطرفين (العميل والمؤسسة) لمعرفة أسباب المشكلة وتحديد العوامل التي تحول دون إتمام عملية التحويل والحصول على الخدمة، ووضع خطة علاجية مناسبة للتغلب على الصعوبات والمعوقات، وتوضيح سوء الفهم، والتعامل مع المشاعر السلبية التي ترتبت على هذا الموقف.
4- القيام بدور المدافع والمحامي client advocate عن حقوق ومصالح العملاء فقد يحتاج الأخصائي الاجتماعي إلى القيام بهذا الدور مع بعض العملاء، ونقصد بالدفاع هنا العمل مع العميل وتمثيله أمام الجهات والمؤسسات المختلفة للحصول على حقوقه والخدمات والموارد التي يحتاج إليها والتي لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال تدخل الأخصائي الاجتماعي. ويرى (Barker, 1991) أن الدفاع عن العملاء يستلزم قيام الأخصائي الاجتماعي بتمثيل عملائه والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم من خلال التدخل المباشر.
ثالثا: المحافظة على النظام وتعزيزه.فالأخصائي الاجتماعي كأحد العاملين في المؤسسة الاجتماعية يتحمل مسؤولية تقويم البناء، والسياسة، والأداء المؤسسي والعمل على زيادة فعالية نظام تقديم الخدمات فيها. ويتضمن هذا الدور قيام الممارس بالمهام التالية:
1- دور المشخص المؤسسي organizational diagnostician وتتلخص هذه المهمة في قيام الأخصائي الاجتماعي بالكشف عن العوامل التي تؤثر سلبا على أداء المؤسسة والمرتبطة بالجوانب البنائية والسياسية والإجرائية وتحول دون تقديم الخدمات إلى العملاء بطريقة سلسة وفعالة (Weissman & Epstien, 1987) . ويرى (Hepworth & Larsen, 1990) أن أداء هذه المهمة يتطلب امتلاك الممارس لمعرفة خاصة بنظريات الإدارة، وأن معظم مدارس الخدمة الاجتماعية تضع ضمن خططها وبرامجها الدراسية بعضا من المقررات التي ترتبط بهذا الجانب.
2- القيام بدور المسهل أو الميسر والمفعل facilitator / expediter فبعد قيام الأخصائي الاجتماعي بتحديد العوامل السلبية المؤثرة في عملية تقديم الخدمات يعمد إلى وضع الخطط الكفيلة بتعزيز نظام تقديم الخدمات وتطبيقها، وهذا يتطلب منه القيام بتزويد إدارة المؤسسة بالمعلومات والملاحظات، وتقديم الاقتراحات، والعمل مع غيره من العاملين في المؤسسة للضغط على الإدارة لإحداث التغييرات اللازمة، وتشجيع برامج التدريب داخل المؤسسة وخارجها والمشاركة فيها. ويرى (Barker, 1991) أن دور المفعل يستلزم من الأخصائي الاجتماعي تحمل مسؤولية تفعيل جهود التغيير والتعجيل بها وذلك من خلال جمع الأفراد وتنظيم عمليات الاتصال فيما بينهم، وتوجيه طاقاتهم وجهودهم وأنشطتهم ومواردهم وتزويدهم بالمعلومات والخبرات اللازمة.
3- القيام بدور عضو الفريق team member ففي معظم المؤسسات التي يعمل بها الأخصائيون الاجتماعيون كمؤسسات الرعاية الصحية والعقلية، ومراكز التأهيل مثلا يمارسون عملهم كأعضاء في فريق علاجي يتعاونون مع بعضهم البعض من أجل تقدير مشكلات العملاء وتقديم الخدمات لهم، ويتضمن الفريق العلاجي عادة الطبيب النفسي psychiatrist والطبيب physician والأخصائي الاجتماعي social worker والأخصائي النفسي psychologist والممرض nurse والمرشد counselor والمعالج الطبيعي physical therapist والمعالج المهني occupational therapist والمعالج الترويحي recreational therapist وكعضو في هذا الفريق يسهم الأخصائي الاجتماعي بمعرفته وخبرته ومهاراته في التعامل مع مشكلات العملاء، كما يساهم بمعرفته بالموارد والخدمات المجتمعية لإعداد خطط الخروج والرعاية اللاحقة للعملاء.
رابعا: القيام بدور الباحث.
فالممارس يتحمل مسؤولية تقويم تدخلاته المهنية، ومراقبة تطورات العمل مع عملائه بطريقة علمية منظمة، والمحافظة على نظام لتقويم نتائج البحوث والدراسات ذات الصلة بعمله. كما يقوم الأخصائي الاجتماعي بإجراء البحوث والدراسات المتخصصة ذات الصلة بطبيعة عمله ويتعلم ذلك من خلال مقررات مناهج البحث في الخدمة الاجتماعية خاصة في مجال البحث العيادي clinical research وجميع هذه العمليات تستلزم منه معرفة بمناهج البحث وتطبيقاتها.
خامسا: تنمية وتطوير النظام.حيث تتاح للأخصائي الاجتماعي فرصا – في بعض الأحيان – للعمل على تحسين وتطوير وتوسيع نطاق الخدمات التي تقدمها المؤسسة للجمهور بناء على ما يقوم به من تقدير دقيق لحاجات العملاء التي لم يتم إشباعها، وتحديد الفجوات الموجودة في نظام تقديم الخدمات، وتحديد مدى الحاجة إلى الخدمات الوقائية، ومعرفة ما توصلت إليه نتائج البحوث والدراسات المتخصصة. ومن الأدوار التي يقوم بها الأخصائي الاجتماعي في هذا الجانب ما يلي:
1- دور المنمي والمطور للبرامج program developer فالأخصائي الاجتماعي يقوم بالعمل على تنمية وتطوير الخدمات استجابة للحاجات المتغيرة والمستجدة للعملاء. وتتضمن هذه الخدمات البرامج التعليمية، وبرامج جماعات المساندة الاجتماعية، وبرامج تنمية المهارات.
2- دور المخطط planner ففي المجتمعات المحلية الصغيرة والمناطق الريفية والقرى التي تفتقد إلى الخدمات والبرامج الاجتماعية يقوم الأخصائي الاجتماعي بدور المخطط – وذلك بالتعاون والتنسيق مع القيادات المحلية الرسمية وغير الرسمية – الذي يقوم بالتخطيط للبرامج والخدمات استجابة للحاجات المتغيرة والمستجدة ومن أمثلة هذه البرامج برامج رعاية الطفولة child care program ، وبرامج توفير المواصلات لكبار السن والعجزة والمعوقين، والبرامج الترويحية، وبرامج الرعاية الصحية، كما يستلزم هذا الدور قيام الأخصائي الاجتماعي بتحديد أهداف عملية التدخل، وتقويم أساليب التدخل المقترحة، واختيار الأسلوب المناسب.
3- تنمية السياسات والإجراءات policy and procedure developer فالأخصائي الاجتماعي يشارك في تشكيل سياسات وإجراءات المؤسسة التي يعمل بها، خاصة تلك السياسات والإجراءات المرتبطة بتوفير الخدمات المباشرة للعملاء. وتتحدد درجة مشاركة الأخصائي الاجتماعي في هذه العملية بأسلوب ونمط الإدارة المتبع في المؤسسة ودرجة مرونتها وإيمانها بالعمل التعاوني الفريقي. وينبغي أن يعمل الأخصائي الاجتماعي من أجل تفعيل دور المؤسسة للاستجابة لحاجات العملاء وذلك من خلال تقويم حاجات العملاء ووضع السياسات والإجراءات الكفيلة بالوفاء بهذه الحاجات.
4- القيام بدور المحامي أو المدافع advocate عن مصالح العملاء فقد يقوم الأخصائي الاجتماعي بالدفاع عن مصالح أحد العملاء ومساعدته للحصول على الموارد والخدمات التي يحتاج إليها بهدف تعزيز العدالة الاجتماعية.
المراجع
Barker, R. ( 1991 ). The social work dictionary. National Association of Social Workers. Washington, DC: NASW Press.
Gordon, W. ( 1965 ). Toward a social work frame of reference. Journal of Education for Social Work, 1, 19-26.
Bartlett, H. ( 1970 ). The common base of social work practice. New York: National Association of Social Workers.
Middleman, R. & Wood, G. ( 1990 ). Skills of direct practice in social work. New York: Columbia University Press.
Hepworth, D. & Larsen, J. ( 1990 ). Direct social work practice: Theory and skills. (3rd Ed.). Belmont, California: Wadsworth Publishing Co.
Lister, L. ( 1987 ). Contemporary direct practice roles. Social Work, 32, 384-391.
Chandler, S. ( 1985 ). Mediation: Conjoint problem solving. Social Work, 30, 346-349.
Weissman, H., Epstein, I., & Savage, A. ( 1987 ). Exploring the role repertoire of clinicians. Social Casework, 68, 150-155
http://www.social-team.com/forum/showthread.php?t=7506
حسنت يا دكتور واستفدت كثيرا من حضرتك وجزاك الله خير
ردحذف