الخوف حالة انفعاليَّة يحسُّها كل إنسان بل كل حيّ ، وكل خبرة وجدانية مخيفة يصادفها الإنسان في طفولته قد يستعيدها - لا شعورياً - في كِبَره ، وقد يسقط مشاعره على المواقف والخبرات المشابهة فيخاف منها .
هناك شبه إجماع بين علماء النفس على أن الأصوات العالية الفجائية أهمُّ المثيرات الأولى للخوف في الطفولة المبكرة ، ففي عمر الثانية حتى الخامسة يفزع الطفل من الأماكن الغريبة ، ومن الوقوع من مكان مرتفع ، ومن الغرباء ، ويخاف من الحيوانات والطيور التي لم يألفها .
ويخاف تكرار الخبرات المؤلمة التي مَرَّ بها كالعلاج الطبي ، أو عملية جراحيَّة ، كما يخاف منه الكبار حوله لأنه يقلِّدهم ، ويظهر انفعال الخوف عند الطفل في صورة فزع تبدو على وجهه ، وقد يكون مصحوباً بالصرع ، ثم يتطور إلى الهرب المصحوب برعشة ، وتغيُّرات في خلجات الوجه ، وكلام متقطِّع .
وإلى ذلك، فإن غالب المخاوف الطفولية المعروفة تختفي مع مرور الوقت.لكن وبالمقابل قد تستمر بعضها. وبالرغم من جهل السبب الكامن وراء اختفاء بعض المخاوف واستمرار أخرى، إلا أن الشيء المؤكد يتجلى في أن ردود فعل الآباء لها علاقة وطيدة بذلك . لذلك، والحال هذه، يتعين على الآباء معرفة ما عليهم فعله، وما عليهم اجتنابه في المواقف، التي يشعر حيالها الطفل بالخوف. الأخذ بعين الاعتبار مشاعر الطفل إذا كان الطفل يعاني من حالة الخوف مع حلول الليل، يصبح الوالدان مجبرين على التقصي لمعرفة مصدر الخوف، من خلال طرح الأسئلة عليه بشكل تحاوري، يمكنهما من جعل الطفل يحدد ماهية وأشكال مخاوفه بشكل تلقائي ودون ضغط عليه. ومن ثمة، يسهل على الآباء اختيار وسيلة لتهدئة الطفل والحد من روعه. لكن، مع الحذر من الانسياق وراء البحث معه داخل الغرفة مثلا تحت السرير أو داخل دولاب الملابس عن مصدر خوفه، لاسيما إذا ما وصف "وحشا" أو "شبحا"، لأن من شأن ذلك ترسيخ في ذهنه وجود الوحش فعلا، وبالتالي استمراره في الإحساس بالخوف، بل تفاقم الإحساس بالخطر لديه. ويفيد الحوار مع الطفل في بعث الاطمئنان في نفسه. وكذلك، يتعين أن يسعى الآباء إلى جعل الطفل يستوعب أن الشعور بالخوف هو شعور طبيعي، على اعتبار أن نجاحه في التغلب عليه يساعده على النمو وعلى تطوير هويته والتحكم في عالمه... كما يتعين عليهم فهم مصدر هذا الخوف حتى يتمكنوا من إيجاد الحلول المناسبة والكفيلة بطرده من نفس وعقل الطفل.وإذا،كان الطفل مثلا يرفض البقاء وحده، فإن المحللين النفسيين ينصحون في حالة كان لديه أخ أو أخت، بجعلهما ينامان معا في غرفة واحدة وبتشجيعهما على اللعب مع بعضهما البعض. ومعلوم أن الإخوة يحبون في الغالب النوم مع بعضهم البعض.
والنور الخافت يساعد على الإحساس بالأمان إذا كان الطفل يخشى النوم في الظلام، فلامانع من ترك نور مصباح صغير مضاء بالقرب من سرير نومه. إذ غالبا ما يكفي اقتراح ترك النور مضاء كي يحس الطفل بالاطمئنان ويعود إلى النوم، لكن شريطة أن يكون المصباح موضوعا في مكان مناسب ولايكون ضوؤه وهاجا. ويتعين تفادي وضع منديل أو ثوب على المصباح للتخفيف من أشعة الضوء تلافيا لحدوث حرائق أو ما شابهها. وإلى ذلك، وخلافا لما يعتقده الكثير من الآباء، فإن الأطفال لا يحبون النوم في الصمت المطلق، بل إنهم ينامون بشكل جيد في جو فيه بعض الضوضاء الخافتة، لذلك، لاضرر من تشغيل الراديو أو التلفزيون، لاسيما إذا كانا في مكان آخر غير الذي يتواجد به الطفل، فمثل هذه الأصوات تبعث على الارتياح والطمأنينة وتجعلهم ينساقون للنوم بعمق ودون خوف.
وتكتسي اللحظات المباشرة قبل النوم والأحاسيس التي اعترت الطفل خلالها أهمية قصوى، لأن الأطفال لا ينامون بشكل جيد بعد يوم متعب أو حافل بالنشاط، أو بعد مشاهدتهم لبعض البرامج التلفزيونية. وغالبا ما يتأثر ويرتعب الأطفال بمشاهد قد يعتبر البالغون أنها غير ذات تأثير بالغ. بل هناك بعض الرسوم المتحركة، التي تصيب الأطفال برعب شديد. لذلك، ينصح المختصون بجعل إيقاع نهاية اليوم أكثر هدوءا كي يرتاح الطفل ويقضي ليلة هانئة دون أن يستيقظ. وفي هذا السياق، تلعب طقوس النوم المعروفة، كالهدهدة أو حكاية القصص أو سماع موسيقى هادئة أو أغاني الأطفال، دورا هاما في انتقال الطفل تدريجيا من حالة النشاط إلى السكون، الذي يحضره للنوم. وتصبح هذه الطقوس ذات فعالية كبيرة في حالة المواظبة عليها يوميا مع احترام مواقيتها.
أنواع الخوف :
المخاوف الأكثر شيوعاً بين الأطفال هي مخاوف محسوسة وحقيقية يلمسها الآباءفي أطفالهم بسهولة لأنهم يعبِّرون عنها بوضوح ، ومن هذه المخاوف الخوف من الشرطي ، والطبيب ، والمدرسة ، والحيوانات ، والظلام ، وطلقات المدفع ، والبرق ، والأماكن العالية ، وحوض السباحة ، والبحر ، والنار ، والثعابين والحشرات .
وهناك من الأطفال من يخاف من السفر في قطار ، أو باخرة لأول مرة ، ومنهم من يخاف من الزحام والمرض ، والصعود إلى أماكن مرتفعة ، وإلى غير ذلك من المخاوف .
كما يتولد عدد كبير من المخاوف، التي تنتاب الطفل، عن تجارب صادمة أو مؤلمة بالنسبة للطفل أوتحت تأثير المفاجأة. كما قد يتطور الإحساس بالخوف عند الطفل من خلال معاينته لردود فعل ذويه تجاه مختلف الأحداث. فإذا كان أحد الوالدين، على سبيل المثال، يخشى العناكب فإنه يجعل الطفل من خلال ردة فعله تجاه هذه الحشرة، يعتقد أنها خطيرة وتتعين خشيتها وتلافيها. وإلى ذلك، يكون الأطفال شديدي التأثر بالكلام المتداول من حوله، وإذا ما سمع من محيطه يردد، مثلا، أن القطط حيوانات غادرة لا تتورع عن استعمال مخالبها، فإنه سيبدأ في خشية القطط، والإحساس بالخوف منها حتى لا يصبح قادرا على الاقتراب منها.
الخوف بين السلب والإيجاب :
انعدام الخوف في طفل ما قد يكون نادراً للغاية ، وهو يرجع عادة إلى قِلَّة إدراكه كما هو الحال في ضعاف العقول ، الذين لا يدركون مواقف الخطر أو الضرر ، فقد يمسك البالغ ضعيف العقل ثعباناً ، أو يضع يده في مكان يصيبه بضرر لعدم تقديره لخطورة مثل هذه المواقف .
كما أنَّ الطفل الصغير رغم ذكائه قد يُقدم على الثعبان ، ظنّاً منه أنه لعبة يمكنه أن يتسلَّى بها ، غير مدرك الضرر الذي قد يلحقه منه ، لكن هذا الطفل يستجيب باتِّصال الخوف للمواقف نفسها في سنِّ الخامسة أو السادسة .
وكثيراً من الآباء والأمهات من يستنكف أن يشعر أبناؤهم بالخوف ، خشية أن يشبَّ على هذه العادة ، فهؤلاء الآباء غير الواقعيين ينظرون إلى مخاوف الأطفال كأنها قصور في إدراك الطفل ، وبذلك يقمعون انفعالات الخوف التي تظهر على أبنائهم اعتقاداً منهم أن ذلك كفيل باستئصالها .
وإن هذا الأسلوب يزيد مخاوف الأطفال ويعقِّد شخصياتهم ، وهؤلاء الآباء والأمَّهات عاجزون عن فهم نفسية الطفل ومشاعره ومخاوفه الطبيعية ، وقد نسوا أنهم مرُّوا بالانفعالات نفسها في طفولتهم ، وقد يلجأ بعض الآباء والأمهات لعلاج خوف الطفل بالسخريَّة منه ، أو إثارة ضحك أفراد الأسرة عليه بسبب مخاوفه ، وقد يتخذ الأخوة هذه المخاوف وسيله للتسلية والضحك على حساب مشاعر الطفل المسكين .
بل قد يلجئون إلى تخويفه بما يخاف منه ، فيعقِّدون بذلك شخصيته ، كما تسوء علاقته بوالديه وبأفراد أسرته ، وقد يلجأ بعض الآباء والأمهات والمربُّون إلى تخويف الطفل لدفعه لعمل معين ، أو لمنعه من عمل معين ، أو إلزامه بالسكوت ، أو مذاكرة دروسه .
وكثيراً ما يقال للطفل في الحضانة أنه سيوضع في حجرة الفئران ، أو أن الغول سيخطفه ، أو القطط ستأكله ، وإلى غير ذلك من الأقوال الشائعة لضمان هدوئه ، وبعض الآباء والأمَّهات ينزع إلى فرض سلطته المطلقة على أطفاله ، فيخيفهم بالطبيب ، أو بالمدرِّس في المدرسة ، أو بالشغل .
وبعض الأمهات يلجأن إلى تخويف الطفل لينام في ساعة محددة ، فيهدِّدونه بالغولة ، أو بالعفريت ، وينسى هذا البعض أن ذلك يجعل الطفل يميل إلى الانطواء حول الذات ويجبر مخاوفه في مرارة وضيق ، فتربية الآباء والأمهات لتعليمهم أساليب التربية وفنونها ينبغي أن تسبق تربية الأبناء ، إذ يجب أن يعرفوا الخصائص النفسيَّة لكلِّ مرحلة من مراحل أبنائهم ، وسبل التعامل معهم في كل مرحلة .
واجهي مخاوف صغيرك :
أشْبِعِي حاجة طفلك من الدفء والمحبة ليشعر بالأمن والطمأنينة ، وامزجي ذلك بدرجة معقولة ومرنة من الحزم ، فإن صادف طفلك ما يُخيفه أو يزعجه فلا تساعديه نسيانه ، فالنسيان يدفن المخاوف في النفس ، ثم يصبح مصدراً للقلق والاضطراب ، ولكن أوضحي الأمور لطفلك ، واشبعي فضوله ، وطَمْئنِيه دون أن تخدعيه .
ونمِّي روح الاستقلال والاعتماد على النفس في طفلك كلما أمكن ، دون أن تخدعيه ، ووفِّري له المحيط العائلي الهادئ الذي يشبع حاجاته النفسية ، لأنّ الاضطراب العائلي يُزعزع ثقة الطفل بنفسه .
واحرصي على أن يكون سلوك المحيطين بطفلك متَّزناً ، خالياً من الهلع والفزع في أي موقف من المواقف ، وخصوصاً إذا مرض الطفل أو أصابه مكروه ، وساعديه على مواجهة المواقف التي ارتبطت في ذهنه بانفعال الخوف ، كالخوف من القطط أو الكلاب أو الماء بتشجيعه ، دون زجره أو نقده .
وقدِّمي له الحقائق وأكِّدي له أنَّه لا خطورة في الموقف ، إلى أن يقتنع ويسلك السلوك السويَّ بدافع نفسه ، واعتماداً على ثقته بالأب والأم ومَن حوله من الأهل ، واستعملي الخوف البنَّاء في تغذية إيمان طفلك بالله ، وتنمية شخصيته ، وتعويده احترام النظام ، فأبعدي طفلك عن مُثيرات الخوف ، كالمآتم ، والقصص المُخيفة عن الغولة والجن والعفاريت .
ويمكننا الحكم على درجة خوف الطفل بمقارنة مخاوفه بمخاوف أغلب الأطفال في سنِّه ، فالطفل في الثالثة من عمره إذا خاف من الظلام وطلب أن تضيء له المكان ، فربَّما كان ذلك في حدود الخوف المعقول ، أما إذا أبدى فزعاً شديداً من الظلام وفقد اتِّزانه ، فلا شَكَّ أن خوفه مبالغ فيه ، فالخوف الطبيعي المعقول مفيد لسلامة الفرد أيّاً كان سِنَّه ، أما الخوف المبالغ فيه فهو يضر بشخصية الفرد وسلوكه
والنور الخافت يساعد على الإحساس بالأمان إذا كان الطفل يخشى النوم في الظلام، فلامانع من ترك نور مصباح صغير مضاء بالقرب من سرير نومه. إذ غالبا ما يكفي اقتراح ترك النور مضاء كي يحس الطفل بالاطمئنان ويعود إلى النوم، لكن شريطة أن يكون المصباح موضوعا في مكان مناسب ولايكون ضوؤه وهاجا. ويتعين تفادي وضع منديل أو ثوب على المصباح للتخفيف من أشعة الضوء تلافيا لحدوث حرائق أو ما شابهها. وإلى ذلك، وخلافا لما يعتقده الكثير من الآباء، فإن الأطفال لا يحبون النوم في الصمت المطلق، بل إنهم ينامون بشكل جيد في جو فيه بعض الضوضاء الخافتة، لذلك، لاضرر من تشغيل الراديو أو التلفزيون، لاسيما إذا كانا في مكان آخر غير الذي يتواجد به الطفل، فمثل هذه الأصوات تبعث على الارتياح والطمأنينة وتجعلهم ينساقون للنوم بعمق ودون خوف.
وتكتسي اللحظات المباشرة قبل النوم والأحاسيس التي اعترت الطفل خلالها أهمية قصوى، لأن الأطفال لا ينامون بشكل جيد بعد يوم متعب أو حافل بالنشاط، أو بعد مشاهدتهم لبعض البرامج التلفزيونية. وغالبا ما يتأثر ويرتعب الأطفال بمشاهد قد يعتبر البالغون أنها غير ذات تأثير بالغ. بل هناك بعض الرسوم المتحركة، التي تصيب الأطفال برعب شديد. لذلك، ينصح المختصون بجعل إيقاع نهاية اليوم أكثر هدوءا كي يرتاح الطفل ويقضي ليلة هانئة دون أن يستيقظ. وفي هذا السياق، تلعب طقوس النوم المعروفة، كالهدهدة أو حكاية القصص أو سماع موسيقى هادئة أو أغاني الأطفال، دورا هاما في انتقال الطفل تدريجيا من حالة النشاط إلى السكون، الذي يحضره للنوم. وتصبح هذه الطقوس ذات فعالية كبيرة في حالة المواظبة عليها يوميا مع احترام مواقيتها.
أنواع الخوف :
المخاوف الأكثر شيوعاً بين الأطفال هي مخاوف محسوسة وحقيقية يلمسها الآباءفي أطفالهم بسهولة لأنهم يعبِّرون عنها بوضوح ، ومن هذه المخاوف الخوف من الشرطي ، والطبيب ، والمدرسة ، والحيوانات ، والظلام ، وطلقات المدفع ، والبرق ، والأماكن العالية ، وحوض السباحة ، والبحر ، والنار ، والثعابين والحشرات .
وهناك من الأطفال من يخاف من السفر في قطار ، أو باخرة لأول مرة ، ومنهم من يخاف من الزحام والمرض ، والصعود إلى أماكن مرتفعة ، وإلى غير ذلك من المخاوف .
كما يتولد عدد كبير من المخاوف، التي تنتاب الطفل، عن تجارب صادمة أو مؤلمة بالنسبة للطفل أوتحت تأثير المفاجأة. كما قد يتطور الإحساس بالخوف عند الطفل من خلال معاينته لردود فعل ذويه تجاه مختلف الأحداث. فإذا كان أحد الوالدين، على سبيل المثال، يخشى العناكب فإنه يجعل الطفل من خلال ردة فعله تجاه هذه الحشرة، يعتقد أنها خطيرة وتتعين خشيتها وتلافيها. وإلى ذلك، يكون الأطفال شديدي التأثر بالكلام المتداول من حوله، وإذا ما سمع من محيطه يردد، مثلا، أن القطط حيوانات غادرة لا تتورع عن استعمال مخالبها، فإنه سيبدأ في خشية القطط، والإحساس بالخوف منها حتى لا يصبح قادرا على الاقتراب منها.
الخوف بين السلب والإيجاب :
انعدام الخوف في طفل ما قد يكون نادراً للغاية ، وهو يرجع عادة إلى قِلَّة إدراكه كما هو الحال في ضعاف العقول ، الذين لا يدركون مواقف الخطر أو الضرر ، فقد يمسك البالغ ضعيف العقل ثعباناً ، أو يضع يده في مكان يصيبه بضرر لعدم تقديره لخطورة مثل هذه المواقف .
كما أنَّ الطفل الصغير رغم ذكائه قد يُقدم على الثعبان ، ظنّاً منه أنه لعبة يمكنه أن يتسلَّى بها ، غير مدرك الضرر الذي قد يلحقه منه ، لكن هذا الطفل يستجيب باتِّصال الخوف للمواقف نفسها في سنِّ الخامسة أو السادسة .
وكثيراً من الآباء والأمهات من يستنكف أن يشعر أبناؤهم بالخوف ، خشية أن يشبَّ على هذه العادة ، فهؤلاء الآباء غير الواقعيين ينظرون إلى مخاوف الأطفال كأنها قصور في إدراك الطفل ، وبذلك يقمعون انفعالات الخوف التي تظهر على أبنائهم اعتقاداً منهم أن ذلك كفيل باستئصالها .
وإن هذا الأسلوب يزيد مخاوف الأطفال ويعقِّد شخصياتهم ، وهؤلاء الآباء والأمَّهات عاجزون عن فهم نفسية الطفل ومشاعره ومخاوفه الطبيعية ، وقد نسوا أنهم مرُّوا بالانفعالات نفسها في طفولتهم ، وقد يلجأ بعض الآباء والأمهات لعلاج خوف الطفل بالسخريَّة منه ، أو إثارة ضحك أفراد الأسرة عليه بسبب مخاوفه ، وقد يتخذ الأخوة هذه المخاوف وسيله للتسلية والضحك على حساب مشاعر الطفل المسكين .
بل قد يلجئون إلى تخويفه بما يخاف منه ، فيعقِّدون بذلك شخصيته ، كما تسوء علاقته بوالديه وبأفراد أسرته ، وقد يلجأ بعض الآباء والأمهات والمربُّون إلى تخويف الطفل لدفعه لعمل معين ، أو لمنعه من عمل معين ، أو إلزامه بالسكوت ، أو مذاكرة دروسه .
وكثيراً ما يقال للطفل في الحضانة أنه سيوضع في حجرة الفئران ، أو أن الغول سيخطفه ، أو القطط ستأكله ، وإلى غير ذلك من الأقوال الشائعة لضمان هدوئه ، وبعض الآباء والأمَّهات ينزع إلى فرض سلطته المطلقة على أطفاله ، فيخيفهم بالطبيب ، أو بالمدرِّس في المدرسة ، أو بالشغل .
وبعض الأمهات يلجأن إلى تخويف الطفل لينام في ساعة محددة ، فيهدِّدونه بالغولة ، أو بالعفريت ، وينسى هذا البعض أن ذلك يجعل الطفل يميل إلى الانطواء حول الذات ويجبر مخاوفه في مرارة وضيق ، فتربية الآباء والأمهات لتعليمهم أساليب التربية وفنونها ينبغي أن تسبق تربية الأبناء ، إذ يجب أن يعرفوا الخصائص النفسيَّة لكلِّ مرحلة من مراحل أبنائهم ، وسبل التعامل معهم في كل مرحلة .
واجهي مخاوف صغيرك :
أشْبِعِي حاجة طفلك من الدفء والمحبة ليشعر بالأمن والطمأنينة ، وامزجي ذلك بدرجة معقولة ومرنة من الحزم ، فإن صادف طفلك ما يُخيفه أو يزعجه فلا تساعديه نسيانه ، فالنسيان يدفن المخاوف في النفس ، ثم يصبح مصدراً للقلق والاضطراب ، ولكن أوضحي الأمور لطفلك ، واشبعي فضوله ، وطَمْئنِيه دون أن تخدعيه .
ونمِّي روح الاستقلال والاعتماد على النفس في طفلك كلما أمكن ، دون أن تخدعيه ، ووفِّري له المحيط العائلي الهادئ الذي يشبع حاجاته النفسية ، لأنّ الاضطراب العائلي يُزعزع ثقة الطفل بنفسه .
واحرصي على أن يكون سلوك المحيطين بطفلك متَّزناً ، خالياً من الهلع والفزع في أي موقف من المواقف ، وخصوصاً إذا مرض الطفل أو أصابه مكروه ، وساعديه على مواجهة المواقف التي ارتبطت في ذهنه بانفعال الخوف ، كالخوف من القطط أو الكلاب أو الماء بتشجيعه ، دون زجره أو نقده .
وقدِّمي له الحقائق وأكِّدي له أنَّه لا خطورة في الموقف ، إلى أن يقتنع ويسلك السلوك السويَّ بدافع نفسه ، واعتماداً على ثقته بالأب والأم ومَن حوله من الأهل ، واستعملي الخوف البنَّاء في تغذية إيمان طفلك بالله ، وتنمية شخصيته ، وتعويده احترام النظام ، فأبعدي طفلك عن مُثيرات الخوف ، كالمآتم ، والقصص المُخيفة عن الغولة والجن والعفاريت .
ويمكننا الحكم على درجة خوف الطفل بمقارنة مخاوفه بمخاوف أغلب الأطفال في سنِّه ، فالطفل في الثالثة من عمره إذا خاف من الظلام وطلب أن تضيء له المكان ، فربَّما كان ذلك في حدود الخوف المعقول ، أما إذا أبدى فزعاً شديداً من الظلام وفقد اتِّزانه ، فلا شَكَّ أن خوفه مبالغ فيه ، فالخوف الطبيعي المعقول مفيد لسلامة الفرد أيّاً كان سِنَّه ، أما الخوف المبالغ فيه فهو يضر بشخصية الفرد وسلوكه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق