مفهوم الطفولة ..
تعتبر مرحلة الطفولة من أهم المراحل في حياة الإنسان إذا يكون الطفل فيها ضعيفاً في النواحي الجسمية والعقلية والنفسية وشديد القابلية للتأثر بالعوامل المختلفة المحيطة به ، فالطفولة هي مراحل أساس العمر . غير أن أهم السنوات من مرحلة الطفولة هي السنوات الخمس الأولى كما تكمن أهمية هذه السنوات في الدور الأساسي الذي تقوم به في تكوين شخصية الفرد بصورة تترك طابعها فيه طيلة حياته ، وهذا يجعل من تربية الطفل في هذه السنوات أمرا يستحق العناية البالغة ".
وتعرف الطفولة..
بأنها الفترة بين المرحلة الجنينية والبلوغ. ويرى علماء الاجتماع أنها الفترة التي يعتمد فيها الفرد على والديه في المأكل والملبس والمأوى والتعليم والصحة والترويح وسواء كانت مرحلة الطفولة تنتهي بالبلوغ أو تنتهي بالنضج النفسي ، والاجتماعي ، والاقتصادي ، فهي أخطر مراحل حياة الفرد . حيث يولد الطفل عاجزاً عن التفاعل المباشر مع البيئة المحيطة به لسد حاجاته الأساسية مما يتطلب الاعتماد على والديه لتدبير شؤون معيشته.
حاجات الطفولة..
إن الحاجة تنشأ لدى الكائن الحي إذا لم تتفق العوامل البيئية الخارجية مع العوامل البيولوجية الحيوية اللازمة لحفظ بقائه مما يؤدي إلى حالة عدم التوازن وانتظام نفسي بين الكائن الحي " الطفل " وبيئته . ومن ثمَّ يسعى الطفل إلى إشباعها مما يعمل على إعادة توازنه النفسي وانتظامه في الحياة.
يعرف حامد زهران الحاجة ..
بأنها " الافتقار إلى شي ما هو في حالة توافر هذا الشيء والحصول عليه يتحقق الإشباع والرضا والارتياح وبذلك تصبح الحاجة من الأشياء الضرورية لاستمرار الحياة نفسها " حاجات فسيولوجية " أو الحياة بأسلوب أفضل " حاجات
نفسية " والحاجة إلى حياة الاجتماعية هانئة " حاجات اجتماعية " وذلك إن للإنسان حاجات جسمية ونفسية واجتماعية وكل منها في حاجة إلى الإشباع
فالطفل هو كائن حي إنساني له خصائص أساسية مشتركة ولكن شكل الحاجة وطريقة الإشباع هي التي تختلف من مجتمع فالحاجة للغداء مثلاً أساسية ولكن طبيعة الغذاء والتغذية وأنواعها تختلف من مجتمع لآخر.
وبتطور الحياة تتطور حاجات الإنسان عموما والطفولة على وجه الخصوص فما كان يعد حاجة ثانوية في عصر من العصور ربما أصبح بالتطور في مجالات الحياة المختلفة حاجة أساسية.
وأن عدم إشباعها قد يؤدي إلى تهديد كيان الطفل وهكذا فإن حاجات الطفل متنوعة ومتعددة وتنقصه القدرة على إدراك حاجاته والكيفية التي يشبع به حاجاته خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة حيث يحتاج الطفل إلى الوسيط لتقديم الحاجات وإشباعها وحيث أن الطفل ينمو بصورة متكاملة شاملة في كل مظهر من مظاهر حياته فإن إشباع هذه الحاجات يعتبر عملية لا تقتصر على الأسرة التي توفر له ما يشبع بعض حاجاته وبالقدر الذي تستطيعه وفي حدود طاقاتها وإمكانياتها بل يتعداها لتشمل جهات ومؤسسات مختلفة ومتخصصة في تربية الطفل ورعايته فهي عملية تستدعى تعاوناً أكبر وتنسيقاً اشمل على جميع المستويات .
وبما أن حاجات الإنسان كثيرة ومتعددة وترتبط بشكل مباشرة أو غير مباشرة في الحفاظ على وجود الإنسان وبقائه ككائن حي ولا سيما الحاجات الأساسية الخاصة بالطفولة سوف نحاول حصر بعض نماذج الحاجات الأساسية للطفل
أولا : حاجات عضوية فسيولوجية...
هذه الحاجة يشترك فيها الإنسان والحيوان وهي تتضمن بصورة مباشرة أو غير مباشرة بقاء الكائن الحي وهو يتمثل في حاجات النمو الجسمي والعقلي فتشمل حاجات النمو الجسمي في الحاجة إلى الغذاء الصحي والإخراج والنوم الكافي والملبس الواقي والمسكن الصحي، والوقاية والعلاج من الأمراض والوقاية من الحوادث المختلفة داخل المنازل وخارجها حيث أن:
1- حاجة الطفل للغذاء الصحي يلعب دوراً هاماً في نمو الطفل فهذا يزود الجسم بالطاقة التي يحتاج إليها للقيام بنشاطه سواء كان هذا النشاط بدنياً أم عقلياً كما يلعب الغذاء أيضا دوراً هاماً في إصلاح الخلايا التالفة وإعادة بنائها وفي تكوين خلايا جديدة في زيادة مناعة الجسم ضد بعض الأمراض وحمايته منه ولاشك أن الغذاء الجيد والذي تتنوع فيه القيمة الغذائية المفيدة والصحية وفي تناوله للطفل يزيد ويعمل على نمو الطفل بشكل جيد وصحي ومما يصبح الطفل اقل عرضه للأمراض، وهذا يتطلب الاهتمام بالأم أتناء حملها بطفلها وبعد وضعه وأثناء رضاعتها له وفي هذا الأساس يتوقف على لبن الأم حيث يعتبر أفضل غذاء للطفل من لحظة الميلاد لما له أهمية القصوى في النمو الجسمي للطفل وفي بناء شخصيته وإشباع حاجاته الانفعالية كما يؤكد العلماء المتخصصون . ففي اليومين الأولين قبل أن تزود الأم باللبن الطبيعي .. يعطي للطفل من خلال الرضاعة الطبيعية مادة "الكولستروم" التي تعد بمثابة طعام مهضوم قريب جداً من مصل الأم الذي كان يتغذى به الطفل قبل ولادته وهي التي تعطي الطفل قوة ليقاوم العدوى في الأشهر المبكرة الأولى، بالإضافة إلى ذلك إن الرضاعة الطبيعية هي الأداة التي توفر للطفل أولى الحاجات النفسية والشعور بالطمأنينة والأمن وإذا ما توفر للطفل الشعور بالطمأنينة والثقة في أيامه الأولى فانه سيبسط ثقته إلى تجارب جديدة ومن ناحية أخرى ينشأ الإحساس بالشك من الخبرات الجسمية والنفسية غير المرضية . وتؤدي إلى الخوف من توقع المواقف المستقبلية ..
وإذا كان الواجب النمائي الأول في هذه المرحلة المبكرة من حياة الطفل هي المحافظة على الوظائف العضوية بتغذية الطفل وتحدد ما إذا كان سيصبح شخصاً واثقاً من نفسه قادر على الاعتماد على نفسه ذات شخصية مستقلة في المجتمع، وإن إشباع مثل هذه الحاجات الاقتصادية تقع مسؤوليتها على المجتمع والأسرة في توفيرها للطفل ويظهر هذا واضحاً في توفير كلٍ من.
2- المسكن الصالح ...الذي يعيش فيه الطفل ويحميه ويوفر له الأمن والأمان والذي يضمن الطفل الهدوء والخصوصية والاستقلالية بعيداً عن الحياة خارج الأسرة والمسكن يكون مملوكاً أو مؤجراً بمقابل مبلغ مادي ولا تقع مسؤولية دفع هذا المبلغ على الأسرة أو الطفل وهو ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بصدور إعلان حقوق الطفل في (20) من شهر ديسمبر عام 1959ف، حيث على المجتمع والسلطات العامة تقع مسؤولية توفير المعونة الكافية للأطفال المحرومين من رعاية الأسرة وللأطفال الذين لا يتوفر لهم مستوى ملائم للمعيشة ومما يجدر الاهتمام بهم وأن تتولى الدولة والهيئات المختصة الأخرى تقديم المعونة المالية التي تكفل إعالة أطفال الأسر.
وذلك لكي لا تفسح المجال أمام الطفل للبحث عن عمل مقابل أن يوفر المعيشة الاقتصادية له ولأسرته وفي الوقت نفسه قد يحرم الطفل من حصول على حقه في التعليم الملائم والذي أكدت على هذا أيضا الجمعية العامة للأمم المتحدة وما كان للمجتمع الليبي ، الإسهام في الجهود الرامية لحماية الطفل حيث حرصت الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان على التأكيد على أهمية العناية بحقوق الطفل وانضمت الجماهيرية إلى اتفاقية حقوق الطفل في 15/ 4/1993 ف.
وقدمت الجماهيرية تقريرها الأول إلى لجنة الأمم المتحدة المختصة بمتابعة هذه الاتفاقية في15/ 6 /1996 ف وقد سبق للجماهيرية أن صدقت على ميثاق حقوق الطفل العربي ثم توقعيه في (4) لسنة 1988 ف وصدر القانون رقم (5) لسنة 1427 م 1997 ف بشأن حماية الطفولة متضمنا ضمانات لحماية حقوق الطفل وتوفير الرعاية الصحية والاقتصادية والاجتماعية ومنع إساءة معاملة الأطفال ومنع لتشغيلهم .
وإذا تعرض الطفل للحرمان المادي والاقتصادي، فلا يجد أمامه سوى سوق العمل والذي قد يحرمه من حصوله على حقه في التعليم وما يتبع ذلك من الانضمام الطفل إلى جيوش الأميَّة وما يلحقها بأعمال متواضعة تكون سبباً سلبياً على المجتمع والإنتاج.
3- حاجاته للنمو العقلي والصحي والذي يتمثل في البحث والاستطلاع والحاجة إلى اكتساب المهارات اللغوية والحاجة إلى تنمية القدرة على التفكير والإبداع ويزداد هذا مع توفير الرعاية الصحية للطفل والتي تغدي تفكيره وذكائه قد يظهر هذا واضحا عندما يكلف الطفل بالأعمال الروتينية التي تساعده على اكتساب المهارات كمساعدة أبيه في أعمال سهلة كفك وتركيب بعض المعدات الإلكترونية مثلاً فهذه الأعمال تتناسب مع قدرات الطفل الجسمية والعقلية بينما يكلف أحيانا بعمل لا يتناسب وقدراته الجسمية والعقلية كحمل بعض الأشياء الثقيلة التي تستنزف من صحته البدنية وترهق صحته العقلية وما يعكس هذا على نفسيته بعدم الرضا على ما هو فيه فإن مشقة هذه الأعمال وصعوبتها وعدم توافر ابسط قواعد الحماية والرعاية للأطفال العاملين في إطار من التغافل عن ابسط الحقوق التي يوفرها العمل بالإضافة إلى غياب الحد الأدنى من قواعد الأمن الصناعي التي تكفل السلامة والصحة المهنية وتحمي من مخاطر العمل فمن الطبيعي تنعكس أثاره على الصحة الجسمية والنفسية للأطفال بالإضافة نجد أن بعض الأطفال العاملين قد تكيفوا في أسوأ الظروف من صور الانتهاك البدني والنفسي وبدا ذلك من خلال آثار جانبية ما أصاب نموهم العقلي وارتقاءهم الانفعالي.
وكما تشير إحدى الدراسات التي تناولت الأبعاد الصحية لعمل الأطفال إلى وجود مخاطر طبيعية يتعرضون لها تتمثل في الضوضاء والحرارة الشديدة الناشئة عن بعض الأعمال التي تتطلب استخدام الآلات وأدوات يؤدي استخدامها إلى رفع درجة حرارة الموقع الذي فيه الأطفال هذا بالإضافة إلى المخاطر الصناعية ، مثل التعرض للمواد الكيمائية والمخاطر الميكانيكية الناشئة عن التعامل غير الواعي مع الآلات،وعدم استخدام أدوات واقية من هذه المخاطر ، بالإضافة إلى الأتربة والغبار المنبعث من صناعات معينة كصناعات الغزل والنسيج والاسمنت التي قد تؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي والتحجر الرئوي والحساسية.
ثانياً: حاجات نفسية اجتماعية..
فالحاجات النفسية للطفل لا تقل أهمية عن حاجات الجسمية فهي الدافع إلى الفاعلية وتحقيق الكيان الذاتي والاستقرار العاطفي.
1- الحاجة إلى الأمن والطمأنينة :
أي أن يكون الطفل موضوع عطف ومودة وعناية من والديه وذويه ، وهي من الحاجات التي يجب أن يتعين إشباعها وإرضاؤها وأن يشعر الطفل بالأمن والأمان والطمأنينة مع أسرته والمجتمع الذي يعيش فيه وينتمي إليه وأن يوفر له الحماية ويصون له حقوقه ومما يرضي هذه الحاجة أيضا وجود سلطة ضابطة ترسم له الحدود وتبين له ما يجب عمله وما يجب تركه أي يجب أن يشعر الطفل بان هناك من يشعره بالأمن والاستقرار والضبط الاجتماعي والسلطة حتى إذا ما تنازل الكبار عن سلطاتهم عليه يفقده الشعور بالأمن وان شعور الطفل بانتمائه إلى أسرته يقوى دعائم الطمأنينة في نفسه هذا مع مراعاة عدم الإفراط في الاهتمام الزائد والسلطة المحتكرة الغير عادلة فإذا وصلت إلى هذا الحد تصبح هذه الحاجة مهددة ومحبطة لذا الطفل ويؤدي كبت هذه الحاجة أو إحباطها بشدة إلى أن يصبح الطفل متوجساً ويشعر بأنه أقل من الناس غير قادر على المنافسة والإقدام والابتكار . ومن ثم يجب الموازنة في إشباع الحاجة حتى نستطيع أن نصل إلى خلق شخصية سوية ومتوازنة لدى الطفل
وأن السلطة الطبيعية الذي يتمتع بها الآباء اتجاه أطفالهم لا تعطيهم الحق بالدفع بأطفالهم القصر إلى الطرق العامة والميادين بدوافع الطمع والكسب لممارسة مهنة البائع المتجول في حين غير مقدرين أصبن الضرر البدني والنفسي والاجتماعي الذي يصيب الطفل القاصر من جراء هذا السلوك غير المشروع قانوناً والمخالف لواجبات الولي شرعاً وقانوناً
2- الحاجة إلى النمو الاجتماعي السليم ..
فالحاجة الطفل إلى التنشئة الاجتماعية السليمة والتي أساسها الأول يرجع إلى الأسرة في كيفية التوجيه والإرشاد لدى الطفل وتعليمه العادات المطلوبة اجتماعياً كالنظافة والتعاون والاعتماد على النفس وما إلى ذلك من الصفات التي يتطلبها التعامل الاجتماعي المرغوب (وللطفل الحق في التربية الدينية والخلقية والجمالية بالأسلوب المناسب ومن حق الأطفال علينا أن نقيهم من أي أضرار اجتماعية يتعرضون لها كالبيئة غير الصالحة أو العمل المبكر أو سوء الاستغلال وحق الحياة في كنف أسرته يعتبر أساس الحقوق وأولها فبدون أسرة لا تضمن للطفل صحة جسمية ولا عقلية ولا نفسية ولا تربية خلقية كما أنه بدونها لا يتحقق له النمو النفسي والاجتماعي السليم وبما إن الخدمة الاجتماعية تمارس في مجال رعاية الطفولة فإنها تقوم بترجمة الحاجات إلى حقوق وتسعى جاهدة إلى توصيلها لمستحقيها وهي ليست بدافع صدقة أو إحسان وأينما تساعدهم لنيل حقوقهم المشروعة فالأطفال مواطنون لهم على الدولة والمجتمع حقوق مشروعة تهدف إلى أن تكون منهم أجيال مسؤولة قادرة على النهوض والتقدم).
3- الحاجة إلى تأكيد الذات والتعبير عنها..
تبدو هذه الحاجة في ميل الطفل إلى التعبير عن نفسه والإفصاح عن شخصيته من خلال كلامه وألعابه وأعماله ورسومه وما يقدمه من خدمات للآخرين وقد يظهر هذا واضح من خلال اعتماد الطفل على نفسه في القيام بحاجاته الخاصة ويكون أكثر وضوحا خلال الطفولة الوسطي وهي فترة المراهقة حيث يتم تأكيد الذات والتعبير عنها وذلك بفرض شخصيتهم وفرض كلامهم
ويحاول الطفل جاهداً لإرضاء الكبار المهتمين به من أباء أو معلمين حتى يشبع حاجاته إلى التقدير واحترام الذات فإن هذه الحاجة بدورها تنمي تأكيده لذاته ولا شك أن برامج التليفزيون المختلفة وبرامج الأطفال خاصة يمكن أن تشبع هذه الحاجة لدى الطفل فلا شك أن مشاهدة الطفل لتمثيلية تدور حول سلوك طفل يعمل وبجد وقد يفشل أحيانا لكنه يمنح الفرصة ليصحح فشله وينجح في النهاية ويأخذ مكانه في المجتمع ويحترم عمله وبنجاحه وبعد ذلك مثل هذه القصة تجعل الطفل يتوحد مع الشخصية التي أحبها ويحاول أن يتثبت شخصيته من خلالها كان يحاول أن يبحث عن عمل يمكنه من ذلك حتى يجد نفسه في هذا العمل أمام أسرته وزملائه وجماعته بحيث يشعر بأنه مرغوب فيه وان وجوده في هذه الجماعة ضروري، وان التأكيد على هذه الحاجة تدفع إلى النشاط والعمل المنتج الذي يعود بفائدة على الطفل والمجتمع ولهذا يخلق الشعور بالمسؤولية والقدرة على تحمل الأعباء والرغبة بأن يقوم الطفل بدوره في تنمية المجتمع وتطوره . كان يتعلم حرفة معينة تتناسب وقدراته الجسمية والعقلية والاجتماعية وبما يتحقق له الاستفادة من هذه الحرفة حتى تبقى صنعة في اليدين لتقيه من العوز والحاجة للآخرين في المستقبل، كحرفة الحداد أو حرفة النجار، وقد سلك المجتمع الليبي مثل هذه الأوجه في تعليم الأطفال الذين تقع سنهم مابين 12 _ 18 عام المقيدين في المرحلة الإعدادية والثانوية من الدراسة يدمجهم فيما يسمى بالقوى العاملة أثناء العطلة الصيفية ويتم من خلال ذلك إكسابهم حرفة معينة. وان تعلم الطفل مثل هذه الأعمال لا يقصد بها التسلية وشغل وقت الفراغ وأينما لتنمية الملكات وترسخ لديهم القيمة المعنوية عندما تكون لدى الشخص حرفة تؤمن له لقمة عيشه أي إشباع مطالبه وحاجاته الضرورية وتجعل منه رجل المستقبل في تحمل المسؤوليات والأعباء التي لا بد منها " ولقد دعا العالم النفس " " بلانت " بان اصح الوسائل لإشباع حاجة الطفل إلى التعبير عن الذات وإكسابه المركز الاجتماعي . إن تعلمه تحمل المسؤوليات بما يناسب قدراته وميوله وأن تنمي فيه المهارات التي تؤكد له كونه مطلوبا وأنه شخص محتاج إليه.
4- الحاجة إلى الحرية والاستقلال ..
تبدو هذه الحاجة في ميل الطفل إلى القيام ببعض الأعمال دون معونة والديه التي تؤكد له الحرية والاستقلال الشخصي ، مما تنمي عنده هذه الحاجة إلى الاستقلال الاقتصادي وذلك بالاعتماد على نفسه في حالة وجود فرص للعمل هذا مما يدفع بالطفل إلى ممارسة الحرية بحجة الاستقلال . فيتعين هنا وجود ضابط داخل الأسرة يحد من تلك التصرفات ويوجهه التوجيه السليم وكذلك تقع هذه المسؤولية على المجتمع بوضع حد أدنى لممارسة الحرية فيحتاج الطفل إلى التوجيه السليم والقيادة الصحيحة وهنا لا بد من المرشد الموجه الذي لا يكبت ولكن يحول الحيوية التي عند الطفل إلى الاتجاه النافع والصحيح لأن الحرية وحدها دون رابط عامل مدمر وهدام وخاصة للطفل الذي ليس له من العقل المجرب ولا من الخبرة ما يمكنه من الاختيار السليم فلذا يجب أن نكون حريصين على أطفالنا أبناء المستقبل ونحدد لهم ما ينفعهم ونمنعهم مما يضرهم .
وبما أن الطفل كائن ضعيف لا يقوى على حماية نفسه ولا المطالبة بحقوق يستحقها ولا التمييز بين ما يضره وما ينفعه فان له حاجات يجب أن يحميها المجتمع بالتشريع الملزم ومزايا الضمان الاجتماعي والتامين والقوانين الاجتماعية التي تحمي حقوق الطفل وتطوير المؤسسات التي تهتم بهذه الشريحة كاللجنة العليا للطفولة حيث يكون من اختصاصها إعداد الخطط والبرامج اللازمة للاهتمام بالطفل ورعايته. علما بان أي لبنة توضع في صرح الطفولة تعد مكسبا للأجيال القادمة فما يتكاثف من إمكانيات مادية بشرية ومعنوية يعود على هذه الشريحة بالنفع والمزايا وتقع على المجتمع المسؤولية في استخدام السلطة من خلال الأجهزة الرسمية بالمؤسسات العامة لتحقيق رفاهية الأطفال فيه وللمحافظة على النظام الذي تتطلبه الحياة في هذا المجتمع . كسلطة المجتمع في حماية الأطفال عن طريق إلزام الآباء بتقديم أولادهم للمدارس خلال سن معينة ووضع القواعد التي ننظم تشغيل الأطفال وصغار السن ومنع التجار من بيع سلع معينة للأطفال ويتم تدخل المجتمع أيضا عندما تعجز الأسرة عن التنشئة السوية للطفل أو في حالة تشرد الطفل أو استغلاله أو انحرافه . فمن هنا تقع مسؤولية المجتمع حيال حماية الطفل
وهكذا تكون المسؤولية تضامنية بين كل مكونات المجتمع ومؤسساته كالأسرة والمدرسة والأجهزة القضائية والرقابية المختلفة التي تشكل درعاً يحمي الطفولة ويصون حقوقها.
د. غادة سلامة
المراجع
[1]- الفاروق زكي يونس ، الخدمة الاجتماعية والتغير الاجتماعي ، القاهرة: دار النشر عالم الكتب، ط2، 1978ف،ص-95- 94 .
2- نايفة قطامي ، علياء الرفاعي، نمو الطفل ورعايته، دار الشروق للنشر والتوزيع ، عمان : 1979، ص- 248- 249 .
3- كمال دسوقي ، النمو التربوي للطفل والمراهق ، بيروت : دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، 1979ف ص- 144.
4- محمد سلامة غباري ، الخدمة الاجتماعية ورعاية الأسرة والطفولة والشباب، الإسكندرية : المكتب الجامعي الحديث، 1989ف، ص-132-133.
5عبد الرحمن العيسوي، مشكلات الطفولة والمراهقة، بيروت : دار العلوم العربية ، 1999ف، ص- 24.
6- السيد رمضان ، مدخل في رعاية الأسرة والطفولة ، مرجع سابق ، ص-259 .
7عبد الرحمن محمد علي أبو توتة ، الأحداث الجانحون ، طرابلس : (ب- ن )،1998ف، ص-288- 289 .
8-فؤاد بسيوني ، الأمومة والطفولة " الطفولة" ، الإسكندرية : مركز الإسكندرية للكتاب، 1998ف ص-74.
9- خيري خليل الجميلي، السلوك الانحرافي ، الإسكندرية : المكتب الجامعي الحديث ، 1998ف ص-258 .
10-ناهد رمزي، مجلة الطفولة والتنمية ، "حماية صغار الفتيات في سوق العمل"، العدد (5) المجلد الثاني – ربيع 2002، ص-25
11- جابر عوض سيد حسن ، خيري خليل الجميلي ، الاتجاهات المعاصرة في دراسة الأسرة والطفولة ، مرجع سابق ، ص – 150.
-12عبد السلام علي المزوغي ، المسوغة العالمية الخضراء للمعرفة ، الجزء الثاني، منشورات المركز القومي للدراسات القانونية وبحوث حقوق الإنسان، 1999ف ص-244-246 .
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق