الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

أهمية الحوارالأسرى

الحوار وسيلة بنائية علاجية تساعد في حل كثير من المشكلات كما أنه الوسيلة المثلى لبناء جو أسري سليم يدعم نمو الأطفال ويؤدي بهم إلى تكوين شخصية سليمة قوية إيجابية و يدعم العلاقات الأسرية بشكل عام أي علاقة الآباء بالأبناء وعلاقات الأزواج فيما بينهم
ولكن طرأت بعض المتغيرات السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية تسببت في غياب الحوار عنا، فقد ساهمت التقنية الإلكترونية في تباعد أفراد الأسرة عن بعضهما البعض، مع أن هذه الوسائل التقنية وجدت للاستفادة منها في التواصل، لكننا نجد الابن يستخدم الإنترنت طوال الوقت يتحدث مع زملائه في كل مكان ويتثاقل أن يجلس لدقائق مع أهله، والآخر يتابع إحدى القنوات الفضائية،,الأب مشغول في عمله صباحاً، وفي الفترة المسائية مع زملائه في المقاهي أو إحدى الاستراحات طوال الليل. وينطبق هذا أيضاً على البنات والأمهات، مما يسبب ذلك غياب الحوار الأسري داخل المنزل، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى بعض الانحرافات السلوكية والفكرية لدى بعض الأبناء أو الهروب من المنزل وعدم العودة إليه.
فمن الأهمية القصوى العودة إلى الحوار المتبادل  بين أفراد أسرتنا، فمن خلال الحوار الأسري تنمو المشاعر الإيجابية داخل الأسرة ويتحقق التواصل بين أفرادها، ويساعد على إشاعة روح المحبة والمودة بينهم، ويساهم الحوار الأسري في التقريب بين وجهات النظر ويتعلم كل فرد في الأسرة أهمية احترام الرأي الآخر، حيث يعد الحوار الأسري أساس للعلاقات الأسرية الحميمة ويساعد على نشأة الأبناء نشأة سوية صالحة لما يخلق من روح التفاعل الاجتماعي والذى بدوره يعزيز الثقة في أفراد الأسرة مما يجعلهم أكثر قدرة على تحقيق طموحاتهم وآمالهم.
كذلك يساعد الحوار مع الأبناء على تعزيز ثقتهم بأنفسهم وتأكيد ذواتهم حيث ينمي استقلالية الأطفال ويشجعهم على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم فالطفل الذي يتحاور في المنزل ويجد من يسمعه يخرج للعالم وهو يشعر بأنه إنسان له الحق أن يسمعه الآخرون وأن يعبر عن آرائه ويطالب بحقوقه وتظهر آثار الحوار من خلال تصرفات الأولاد والتعبير عن مشاعرهم سواء أكانت عدائية أو مشاعر قلق وخوف أو صراعات نفسية  والتى بدورها تؤثر على سير حياتهم اليومية نتيجة لعدم القدرة على التوافق بين مكوناته النفسية والاجتماعية ومن هنا يأتي الحوار ليكون فرصة بالنسبة للآباء للعمل على معالجة مثل تلك المشكلات هذا بالإضافة إلى أن الحوار بين الآباء والأبناء يؤدي إلى التآلف والتعاطف وبناء علاقة ودية حيث يشعر كل من الطرفين بقرب الطرف الآخرمنه. واهتمامه بمشكلاته يؤدي أيضاً إلى التكاشف وإزالة الغموض وقد يطور الحوار العلاقة بين الآباء والأبناء إلى علاقة صداقة فتتلاشى الحواجز المعهودة والتي وضعت منذ أقدم الأزمنة والتي كانت تمنع الأولاد من الإفصاح عما يجول في خاطرهم, وبذلك يتعلم الطفل أن يصارح أباه أو أمه بكل ما قد يخطر بباله ومن المعروف بأن الحوار السائد بين الآباء والأبناء حوار يتعلق بأمور الدراسة وهذا ما يجعل الحوار أمراً مملاً إذ لا بد من حوار الأبناء فيما يتعلق بأحاسيسهم ومشاعرهم وإرادتهم وأفكارهم.‏
أما بالنسبة للمراهقين فعلى الأهل إدراك اختلاف الحوار وذلك بسبب الاختلاف الطبيعي بين الأطفال والمراهقين حيث تتطلب محاورة المراهقين تحكيماً أكبر للعقل وللتحليل المنطقي ورداً على سؤال يتعلق بأهمية الحوار بين الزوجين تقول الدكتورة نجوى نادر الاختصاصية النفسية : الحوار بين الزوجين هو مفتاح التفاهم والانسجام وهو القناة التي توصلنا للآخرين فعندما نتحاور نعبر عن أنفسنا وعن حياتنا وعن طموحاتنا فكيف إذاً لزوجين يبتغيان التفاهم والانسجام وتحقيق المودة والألفة من دون أن يحسنا استخدام الحوار? لذا فتعلم الحوار وممارسته في الحياة الزوجية والأسرية من أهم العوامل التي تحقق الانسجام والتفاهم الزوجي والاستقرار الأسري النفسي الذي يخلق البيئة الملائمة لنمو سليم للأنفس وخاصة فيما يتعلق بالأطفال في هذه الأسرة. ويعد الحوار من أهم العوامل المؤدية إلى استقرار العلاقات الزوجية حيث إن انعدام الحوار بين الزوجين يعتبر من أهم الأسباب المؤدية إلى الطلاق وذلك وفقاً للعديد من الدراسات نذكر منها الدراسة الاحصائية التي أعدتها ) لجنة إصلاح ذات البين) في المحكمة الشرعية السنية في بيروت عام 2003 حيث تبين فيها أن انعدام الحوار بين الزوجين يؤدي إلى ترك عدة مشكلات دون حل وتراكم هذه المشكلات وغياب المنطق الحواري حولها عادة ما يؤدي إلى التخاصم ومن ثم إلى الطلاق وهناك دراسة أخرى أعدها الباحث الاجتماعي علي محمد أبو داهش والذي عمل 18سنة في مكاتب الاجتماع بالرياض المتخصصة في حل المشكلات الاجتماعية وأهمها الطلاق حيث أوضح أن أهم الأسباب المؤدية إلى الطلاق هو انطواء الأزواج وصمتهم في المنزل أي غياب الحوار الذي له تأثير سلبي على نفسية الزوج والزوجة والحياة الأسرية عامة.‏
وفي دراسة ثالثة أقيمت على نحو مئة سيدة تم اختيارهن كعينة عشوائية بهدف الكشف عن أبرز المشكلات الزوجية التي تواجه أفراد العينة حيث تراوحت الإجابات بشكل عام بين انعدام الحوار وصمت الزوج.‏

كماأن الحوار موجود منذ أن خلق الله الكون، ففى  ثقافتنا الإسلامية نماذج لمثل هذه الحوارات، فالقرآن الكريم مليء بالنماذج الحوارية الاجتماعية ومنها: (حوار الأب مع ابنه )في قوله تعالى: "وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ"(هود: 42)، ونلاحظ ما تحمله الآية من شعور الأب الخائف على مصير ابنه، وكذلك الرأفة بابنه وذلك في لفظة (يا بني)، كما نرى أيضاً في المقابل حوار الابن مع والده في قوله تعالى"إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا" 42(مريم( ، كما أن القرآن لم يغفل عن العلاقة الوثيقة بين الزوج وزوجته في قوله تعالى "إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (النمل: 7)، وتطرق لحوار الإخوة مع بعضهم في قوله تعالى"وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" (الأعراف: 142.( وكما أن السيرة النبوية أمدتنا بالحوارات الاجتماعية، مثل حوار الرسول -صلى الله عليه وسلم -مع زوجاته رضي الله عنهن، فيروى عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية. وإذا كنت علي غضبى). قالت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: (أما إذا كنت راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد. وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم). قالت: قلت: (أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك)، وهذا يدل على أن البيت النبوي لا يخلو أيضاً من بعض المشكلات ولكن حكمة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - وحواره الصريح مع زوجاته ساهم في تخفيف أثر هذه المشكلات وقيادة سفينة الأسرة إلى بر النجاة.  
وأخيرا فى هذا المقال أقول أننا اليوم فى حاجة إلى ممارسة هذا الحق بشكل عملي داخل منازلنا ,حتى يصبح الحوار عادة من عادات مجتمعنا وسلوكاً من سلوكياته، إذ إن الحوار هو العلاج الناجح لكل المشكلات والعقبات، فهو يجمع  بين الآراء المتوافقة ويطرح المشكلات ويساهم في حلها بكل تجرد.

ونظراً لحاجة المجتمع إلى تفعيل الحوار الأسري داخل الأسرة، يكون بذلك بتشجيع الآباء والأمهات إلى احتضان أبنائهم وبناتهم والتحاور معهم بالتركيز على ما يخص أمور أبائهم وحاجاتهم وطلباتهم كالتخطيط مثلا لبعض الرحلات أو الزيارات، مع تبادل الآراء بكل مودة واحترام، فهذا الشعور يعطي بأهمية الفرد داخل الأسرة، ويجعله يكسر حاجز التردد في عرض مشكلاته، فلن يجد مهتماً له مثل والده ووالدته، فغيابهما عنه وعدم التحاور معه يجعله يبحث عن أي شخص ممكن أن يستمع له ويتناقش معه وإن كان يحمل بعض الأفكار المسيئة. بالإضافة إلى توعية المجتمع بأهمية الحوار الاسرى عن طريق برامج توعوية عبر وسائل الاعلأم وعن طريق ادراج تعليم هذا السلوك فى مناهجنا الدراسية ، لكى نتعلم كيف يكون الإنصات الجيد أثناء الحديث والذى بدوره يقودنا إلى نتائج حواريه ناجحة يُسهم في  بناء أسرة مستقرة ومتماسكة اجتماعياً.

http://thawra.alwehda.gov.sy/_print_veiw.asp?FileName=106332718920051020215136مؤسسة الوحدة للصحافة والنشر (أهمية الحوار بين أفراد الأسرة)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق