يسأل بعض الناس عن الأسباب التي تقف خلف الكثير من المشكلات الاجتماعية التي برزت في وقتنا الراهن وتتزايد معدلاتها يوما بعد آخر كالعنف والانتحار وتعاطي المسكرات والمخدرات والأمراض الجنسية وانحسار العلاقات القرابية والاجتماعية وانتشار الأنانية والطمع والجشع والرشوة والخيانات الزوجية والعلاقات الجنسية المثلية والتحرش الجنسي والطلاق والعنوسة والفقر والمعاكسات بين الجنسين وجرائم القتل والسرقة وغيرها من المشكلات فيرى كاتب هذه المقالة
بأن كل هذه المشكلات إنما تشكل ضريبة تدفعها المجتمعات كافة حين تنطلق في مضمار التنمية والتطوير والتحديث بشكل متسارع.
هذه الضريبة كانت ثمنا دفعته مجتمعات أخرى سبقتنا في التنمية والتطور والتحديث وما زالت هذه المجتمعات تدفع ثمن تطورها وتنميتها بمزيد من المشكلات. ورغم سعي الانسان الدائم إلى تسهيل أمور حياته والسيطرة على الطبيعة إلا أنه في الوقت ذاته يخلق لنفسه مشكلات أخرى. بل إن بعض علماء الاجتماع يرون أن الواقع الراهن يخلق من المشكلات أكثر بعض علماء الاجتماع يرون أن الواقع
الراهن يخلق مشكلات أكثر مما يقدم حلولا مما يقدم حلولا لمشكلات اجتماعية قائمة.
إن تسارع وتيرة التنمية والتطور والتحديث في المجتمع وما ينجم عنها من هجرة إلى المدن وتكدس الناس فيها، بالإضافة إلى الاختراعات والاكتشافات العلمية والتكنولوجية وثورة الاتصال والاعلام وتمازج الثقافات ونشر ثقافة الاستهلاك التي هي أساس استمرار النسق الاقتصادي الرأسمالي وتحول هذا العالم إلى قرية كونية صغيرة كلها عوامل تساهم في تحقيق رفاهية الإنسان من جهة لكنها من جهة أخرى تخلق له مشكلات اجتماعية لا حصر لها. فإذا كان للتخلف مشاكله الخاصة به فإن للتنمية والتحديث والتطوير مشاكلها الخاصة بها أيضا. ومن غير المعقول إيقاف عجلة الزمن وكبح جماح التنمية والتطوير والتحديث من أجل الهروب من تفاقم المشكلات الاجتماعية فهذا ضرب من المستحيل.
الحل إذن ليس في الوقوف في وجه عمليات التنمية والتطوير والتحديث ولكنه يكمن في بناء المؤسسات المتخصصة التي تتعامل مع هذه العوارض السلبية أو المشكلات الاجتماعية الناجمة عن هذه العمليات وتحد منها عبر التوعية والتثقيف والتأهيل والإرشاد والمعالجة. وتمثل مؤسسات الضمان الاجتماعي وخدمات التأهيل والإرشاد النفسي والأسري والإجتماعي ومراكز الإيواء والجمعيات الخيرية ووسائل الإعلام المختلفة أهم المؤسسات المناط بها مواجهة الضغوط والأزمات والمشكلات المرتبطة بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى والمتسارعة.
لقد وقف بعض علماء الاجتماع في الغرب موقفا مناهضا لعمليات التنمية والتطوير والتحديث لأنها كما يرون تفقد الإنسان إنسانيته وتحوله إلى مجرد آلة صماء وتزيد من مشكلاته لكن صوت هؤلاء العلماء ظل خافتا لأنه يخالف سنة الله في هذا الكون والمتمثلة في التغير لا السكون. فالعقل الإنساني المفكر والمبدع والخلاق والمخترع انطلق وما زال منطلقا في اكتشاف المزيد والمزيد مما يسهل على الناس حياتهم على هذا الكوكب بغض النظر عن المشكلات الاجتماعية الناجمة عن تلك الاكتشافات والتي يرون أنها ضريبة لا يمكن تجنبها , وعلى المجتمعات أن تتخذ من الاجراءات والسياسات ما يضمن التعامل الأمثل مع هذه المشكلات الاجتماعية الطارئة والمتزايدة.
نقلا عن الدكتور عبدالله محمد الفوزان
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20060807/Con2006080737429.htmد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق