فى البداية علينا ان نشير الى الصلة الوثيقة التى تربط مفهوم المنهج العلمى بمفهوم العلم ,ومفهوم البحث حيث انة لاوجود للعلم ولا للبحث العلمى بدون المنهج العلمى .
فالعلم فى حقيقته هو طريقة تفكير ومنهج بحث اكثر منه طائفة من المعارف .
والمنهج العلمى هو وسيلة العلم ووسيلة البحث العلمى فى الكشف عن المعارف والحاقائق والقوانين التى يسعيان على ابرازها وتحقيقها وكثير ما يتوقف حكمنا على أى بحث بالصحة وسلامة النتائج على مدى صحة وسلامة المنهج الذى اتبع فى هذاء البحث .
الخصائص العامة للمنهج العلمى فى العلوم الاجتماعية
1- المنهج العلمى يعتبر من افضل الادوات التى يستخدمها الانسان ليوسع من افاق معرفته ويزيد ثروته من المعلومات المختبرة والموثوق بها , وهو طريق الباحث للوصول الى المعارف والحقائق ووسيلة للتحقق من مدى ثبات وصدق صحة المعارف والحقائق .
2- المنهج العلمى يرفض الاعتماد الكلى وغيرالممحص على العادات والتقاليد وحكمة السابقين وتفسيراتهم وآراء اصحاب السلطة من آى نوع والخبرة الشخصية فى سبيل الوصول الى الحقيقة , ويفرض على الباحث الموضوعية النزيهة والتفكير المنطقى السليم الناتج عن الفحص الدقيق والتقصى المنظم والملاحظة .
3- , بالرغم من أن الحقائق التى نصل اليها عن طريق المنهج العلمى قابلة للتغير بظهور عوامل جديدة فان المنهج الذى يتبع كطريقة للحصول على تلك الحقائق لايتغيرتبعا لتغير الحقائق نفسها .ولكن يمكن ان تتغير وتتبدل وتعدل اذا ماثبت عدم صلاحيتها ’فان التطبيق العلمى فى اختلاف باستمرار .
4- والمنهج بالتالى لابد ان يعدل على الدوام والنتيجة لهذاء اذن ان المناهج العلمية فى تغير وهذاء التغير يتعين بتقدم العلم وحاجاته .
5- من خصائص المنهج العلمى يبدأ فى الغالب الاعم بالملاحظة والتجربة المبدئية أى انه يستند الى ظواهر وحقائق يمكن لكل شخص مدرب ان يلاحظها فى كل زمان ومكان ويستلزم تطبيق المنهج العلمى ان ينتقل الباحث من الاشياء الى معانى وان يلاحظ جميع الظواهر التى يدرسها حتى الاجتماعية منها على انها اشياْ ولايجوز له ان يصل الى معرفة الاشياء عن طريق الآراء الشائعة .
6- و ((يتميز )) ايضا بتحرره من التحيز العاطفى أى بموضوعيه وبالتجائه الى الفروض والى القياس الكمى الدقيق والى التصنيف والتحليل حتى يصبح الفرض قانونا بعد التحقق من صدقة عن طريق اعادة الملاحظات والتجارب .
7- كمايمتاز المنهج العلمى بموضوعيته وتحرره من التأثير الشخصى فأنه يمتاز أيضا بأنه لايدعى لنفسه النتائج التى يتوصل اليها عن طريقة هى معصومه من الخطأ , بل هى قابله للنقد والنقص وهو يشجع على الشك ويساعد على تنميته الى اقصى حد .
8- ومن خصائص المنهج العلمى انه يجمع بين الاستنباط والاستقراء وبالتالى بين الفكر والملاحظة , وعندما يستخدم الانسان المنهج العلمى فأنه يتحرك بين الاسنباط والاستقرار وينهمك بالتفكير والتأملى .
فالمنهج العلمى ليس قاصر فى تطبيقه على العلوم الطبيعية , بل هو قابل للتطبيق حتى فى مجال العلوم الاجتماعية كالتاريخ والاجتماع والاقتصاد والتربية وعلم النفس وما الى ذلك على الاقل فى مبادئه واسسه العامة وخطواته الاساسية .
وهناك الكثير من الصعوبات والعقبات التى تقف دون التطبيق الكامل الدقيق للمنهج فى العلوم والدراسات الاجتماعية والسلوكية منها الاتى :-
1- تعقيد مادة الدراسة
فالظاهرة والمشاكل التى تدرس فى العلوم الاجتماعية أشد تعقيد او تشابكا وتركيبا من تلك التى تدرس فى العلوم الطبيعية , واصعب فى ضبطها تجربيا وفى قياسها موضوعيا ,ذلك لان المادة والظواهر التى تعالجها وتدرسها العلوم الاجتماعية تهتم بالانسان الذى يعتبر اكثر تعقيدا كفرد وكعضو فى جماعة , ولايتأتى ملاحظتها على المستوى الفيزيقى وحدة بل من ملاحظتها وتفسيرها من وجهة نظر اجتماعية ونفسية او بيولوجية اومزيج منها .عكس العلوم الطبيهية التى لاتضمن الا قليلا من المتغيرات ( اومجموعة العوامل والشروط الضرورية لاتمام الحدث ) وهذه يمكن قياسها بدقه تامه .
2- صعوبة ملاحظة الظواهر الاجتماعية
أ-وذلك صعوبة احاطة افراد البحث من الادميين باطار من الظروف والشروط التى يستلزمها البحث ,فالكائنات البشرية متغيرة ومتباينه فى شخصها وعواطفها ومدى استجابتها للمؤثرات المختلفة .
ب- الصعوبة الثانية فى الملاحظة ان الانسان كائن حى يحس ويفهم ويفكر بعكس المادة الاولية فى العلوم الطبيعية التى تخظع لتصرفات الباحث دون ان تتغير استجابتها من وقت الاخر .
3-الظواهر الاجتماعية اقل وحدة وتكرارا من الظواهر الطبيعية
فكثير من الظواهر الطبيعية على درجة كبيرة من الحدة والتواتر ولذلك يسهل تجريدها وصياغتها فى صورة تعميمات وقوانين كمية محددة الا ان الظواهر الاجتماعية لها شخصيتها المنفردة وغيرالمنفردة وغير المتكررة ولاتستطيع ان تسرف فى تجريد العوامل المشتركة فى عدد من الاحداث الاجتماعية لكى نصوغ تعميما أوقانونا عاما
3-الظواهر الاجتماعية تصعب دراستها دراسة موضوعية بعيدا عن العواطف والاهواء الشخصية , فالظواهر الاجتماعية اكثر حلسسية من الناحية الانها تهتم بالانسان كعضو فى جماعة والانسان مخلوق غرضى يعمل على الوصول الى اهداف معينه ويملك القدرة على الاختيار مما يساعد على ان يعدل من سلوكه , لذلك تتأثر مادة العلوم الاجتماعية كثيرا بارادة الانسان وقرارته وهى دائمه التغيير نتيجة للاعمال التى يقوم بها الانسان .
كما ان النشاط البحثى عبارة عن نشاط موجه نحو الوصول الى اجابات محيرة والتى تبداء بالمشكلة , وصاحب هذا النشاط يبحث عن حل لهذه المشكلة وبذلك يبدأفىعملية جمع البيانات للتأكد من مدى صحة تساؤلاته وفروضه .
ولقد وضع المفكرون والفلاسفة والعلماء والباحثون منذ الاف السنيين عدة
فروض حول مختلف الظواهر الطبيعية , وتبين بعد مرور زمن ان بعض الفروض التى قبل بها العلماء غير صحيحه , وأشهر هذه النظريات نظرية بطليموس القائلة بأن الارض مركز الكون وان الشمس وبقية الكواكب والنجوم تدور حولها .
واستند بطليموس فى ذلك على مشاهدات فعلية وعلى قياسات قام بها بواسطة المعرفة والثقنيات التى كانت متوفرة لديه والتى غيرها العالم الايطالى والذى قال ان الشمس هى المركز وليس الارض .
من ذلك يتبين ان كثير من البحوث مجهودات لايجوز إضافة صفة العلمية ان لم يوظف المنهج العلمى فى البحث ذلك لكل بحث او نشاط بحثى يروم من ورائه الوصول الى الحقيقة .
كذلك فى الظواهر الاجتماعية التى حظيت بأهتمام المشتغلين بالبحث عن المعرفة فى مختلف العصور والتى كانت محيرة للمفكرين الذين جاهدوا لفك رموزها وتحديد عللها مستخدمين المنهج العلمى فى ذلك, فعند اقدام الباحث على تحديد موضوع بحثه قد تواجهه حيره كبيرة نتيجة تفكيره الجاد فى البحث العلمى والتى تعتبر هذه المرحلة درجة متقدمة من التفكير العلمى الذى ينبغى على الباحث تقبله وعدم الحياد عنه الى ان يصل بتفكيره المنظم الى الانتباه الذى يقوده الى الاختيار واتخاد القرار بيقين والذى يعرف بتحديد المشكلة او بتحديد موضوع البحث كما تتضح فلسفة البحث باجابة الباحث على السؤال لماذا أختار هذا الموضوع بالذات ؟, ولماذا لم يختر غيره ؟ ويقول دارون ((ان تحديد المشكلات البحثية اصعب من ايجاد الحلول لها )) .
ولهذا وضوح الفلسفة ووضوح الاهداف وتوفر الامكانيات ورغبة الباحث واهتماماته يحقق نجاحا علميا رائعا .
كما هناك ميادين ومجالات عدة تساعد الباحث وتزودة بمواضيع علمية يمكنه الغوص فى اغوارها والكشف عن اسرارها .
اهم هذه الميادين هى :-
1- ميدان التخصص
يسهل على الباحث اختيار موضوعاته بتمعن وروية وثقه ويمكنه من خلال ذلك استقصاء الحقائق ومعرفة اسباب وغايات المستجدات التى تطرأ عليها .
2- الاهتمامات الخاصة
تختلف اهتمامات البحاث نتيجة الميول والرغبة وتوفير الامكانيات وممارسة الهوايات الخاصة أن ذلك يؤثر على اختيار موضوع البحث لدى البحاث .
3- الاطلاع العام
ان الاطلاع الباحث وزيادة معارفه وحظوره للندوات والمؤاتمرات العلمية او الاستماع اليها او مشاهدتها مرئيا تزود الباحث بمعلومات جديدة قد تثير لديه كثير من الاستفسارات التى تدفعة الى الجاد وتسهل امامه مجالات الاختيارلموضوع بحثه .
4- ميدان العمل وميادين التدريب
نتيجة للمارسة الميدانية قد تثار قضايا او تظهر مشاكل تستوجب البحث فيها لتفادى معوقاتها ولتدليل الصعاب امام الاداء الناجح .
5- حاجات المجتمع ومتطلباته
نتيجة الظروف والمتغيرات التى يمر بها المجتمع قد تثار او تطرح مواضيع امام البحاث وقد يحدد المجتمع عددا من المشاكل التى تشد انتباه الباحثين وتدفعهم للبحث من اجل التعرف على اسبابها والنتائج المترتبه عليها .
لكى يجد الباحث مكانا لبحثه بين البحوث التى سبقته عليه ان يطلع عليها قبل كتابة بحثه او اجراء دراسته حتى لايضيع جهده هباء , ولايجد مكانا له بين البحوث والدراسات التى سبقه فى ميدان تخصصه , اما اذا تم الاطلاع بوعى فأن الموضوع يتحدد بأنتباه وينتبه الباحث الى نقاط الضعف الذى وقع فيها سابقوه وكيف يتفاديها فى بحثه لو واجهته اثناء تجميع المعلومات او اثناء تحليلها وتفسيرها , واستخلاص
النتائج منها , ومن خلال مراجعة البحوث والدراسات السابقة قد يكشف ان الذى سبقه لاحدى المواضيع لم تكن نتائج بحثه صادقه لفقدانها العلاقة بين فرضياتها ونتائجها , ان نتائج المتوصل اليها والموصى بها قد تم بطلانها بنتائج بحث اخر جديد . بما ان اختيار الفروض بوعى وانتباه يساعد الباحث للوصول الى معرفة الحقائق والعمل على تفسيرها , واستنباط الحلول لها .
واختيار الباحث للمنهج العلمى المناسب فى تقصى الحقائق وتبيانها يحفز القراء على البحث ويمكنهم من التعرف على النقاط الهامة والاساسية فى استيضاح المعلومات والبيانات , بالأضافة طريقة اختيار العينه يجب ان تراعى الطرق السليمة فى اختياره للعينه التى تمثل المجتمع تمثيلا جيدا بدلا من الاهتمام بحجم العينه وان يستخدم جميع الوسائل لجمع البيانات من ملاحظه ومقابله وورقة الاستبيان وان يراعى الباحث عند تصنيف البيانات الظرف الزمانى والظرف المكانى , والكيف والكم , حسب الموضوع والبيانات المتحصل عليها منه لكى يقوم بتحليل البيانات التى تم جمعها وتصنيفها بأعتبار التحليل حلقة وصل بين مرحلة تجميع المعلومات والبيانات , وبين مرحلة الوصول الى النتائج . المراجع
1- مصطفى عمر التير , مقدمة فى مبادئ وأسس البحث الاجتماعى,الطبعة الخامسة ,شركة الجديد للطباعة والنشر طرابلس – بيروت ,1999 م.
2- عقيل حسين عقيل , فلسفة مناهج البحث العلمى ,جامعة الفاتح كلية العلوم الاجتماعية,منشورات ELGA 1995 .
3- عمر محمد التومى الشيبانى , مناهج البحث الاجتماعى ,منشورات المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان ,1971 م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق