مقــدمة:
بعد
أن قام الباحث بتحديد مشكلة بحثه تحديداً واضحاً ودقيقاً، تأتي مرحلة جمع
المعلومات والبيانات المتاحة عن هذه المشكلة البحثية. وتحتاج عملية جمع
البيانات من مصادر البحث إلى اهتمام وعناية خاصة من الباحث لأنها الأساس
الذي سيقوم عليه البناء العام للبحث أي حجر الزاوية في البحث التربوي فهي
من أهم المراحل الأساسية في إعداد البحث العلمي.
حيث أن البحث العلمي
يسعى بصفة أساسية للإجابة علي التساؤلات التي يطرحها الباحث أو الفروق
المحددة سلفاً والمتعلقة بمختلف جوانب البحث. فإن ذلك لا يتم أو يتيسر إلا
عن طريق جمع معلومات معينة بهدف التعرف علي الحقائق المرتبطة بموضوع
البحث، ثم معالجة هذه المعلومات والحقائق بأسلوب علمي للخروج بالنتائج
المنطقية التي يسعى الباحث للوصول إليها.
وقد يواجهه الباحث في هذه المرحلة العديد من الصعوبات والمشاكل من أهمها:
B كيف يحصل علي هذه البيانات.
B ما هي مصادر البيانات
B أين سيجد هذه البيانات.
وقد يستطيع الباحث بالتخطيط الجيد أن يتغلب علي هذه المشكلات من خلال اعتماده علي ما يلي:
1- ثقافته العامة وخبراته الشخصية والتخصصية.
2- سؤال أهل الاختصاص والعلم.
3- جميع المطبوعات من (كتب ودوريات ورسائل علمية)
4- مركز المعلومات والمكتبات.
5- شبكة المعلومات وقواعد البيانات.
وقبل التطرق إلي مصادر البيانات يجب أن نتعرف علي ماهية البيانات والمعلومات، وما أهميتها.
تعريف البيانات والمعلومات
هناك
خلط واضح بين مدلول البيانات ومدلول المعلومات لدى عدد من المهتمين بدراسة
البحث العلمي إذا يستخدم بعضهم مصطلح البيانات وهو يقصد به مصطلح
المعلومات والعكس بالعكس صحيح. ولكن وجد فرق بين مدلولي البيانات
والمعلومات.ويتضح الفرق بنهما من خلال التعريف التالي:
? البيانـات هي:
مجموعة المشاهدات والملاحظات والأرقام والآراء المتعلقة بظاهرة أو مشكلة
معينة. فهي المادة الخام التي يستخدمها العقل في التفكير وعن طريق الربط
بين أجزائها أو مقارنتها أو تقييمها قد ترقي معلوماتها إلي مستوي النظرية.
?
المعلومات تعني : بيانات جاهزة تتصف بالوضوح والتنظيم والتوثيق الملائم
وسهولة الرجوع إليها مباشرة في المكتبات ومصادر المعلومات التقليدية
والحديثة.
(وباختصار فإن البيانات هي مادة يجمعها الباحث كما هي أو علي
طبيعتها، بينما المعلومات هي نتاج عملية جمع البيانات وتحليلها وتنظيمها).
أهمية البيانات والمعلومات
تبرز أهمية البيانات والمعلومات من أهمية البحث العلمي عامةً والتربوي خاصةً وتتمثل هذه الأهمية فيما يلي:
1- أنها المصدر الأساسي لاختيار المشكلات والظواهر البحثية والتي تشكل نقطة الانطلاق الحيوية في أية بحوث وجهود علمية.
2-
أنها وسيلة البحوث العلمية وهدفها في آن واحد، حيث أن البيانات والمعلومات
هي المادة الأساسية لأي بحث علمي والتي بدونها لا يمكن دراسة وتحليل
المشكلات والظواهر والتعرف علي أبعادها وأسبابها وسبل معالجتها.
3- أنها البذور الحيوية في بناء المعرفة الإنسانية وتطويرها واسترجعها واستعمالها بالصور المناسبة وفي الوقت الملائم.
4- أنها عناصر هامة في اتخاذ القرارات اللازمة والمتعلقة بالبحث العلمي في مختلف المجالات الخدمية والإنتاجية.
5- إن نظم البيانات والمعلومات هي أساس العلم وزيادة الوعي الثقافي والتخصصي وتأهيل الكفايات البشرية في مختلف مجالات البحث العلمي.
مصادر جمع البيانات والمعلومات
يمكن تقسيم مصادر البيانات والمعلومات بصورة عامة إلي:
(1) المصادر المكتوبة والمصادر غير المكتوبة:
?
المصادر المكتوبة: تتضمن كافة المطبوعات والمخطوطات وكذلك الرسوم والرموز
والإشارات المكتوبة والتي تحمل في طياتها معاني معينة ذات علاقة بالمشروع
البحثي المعنى. فالسجلات الحكومية والوثائق الحكومية والرسائل والملحوظات
الشخصية كلها تعتبر مصادر معلومات مكتوبة.
? المصادر غير المكتوبة:
فتتضمن كافة مصادر المعلومات اللفظية والمرئية بالنسبة للمشروع البحثي
المعني. فالبيانات والمعلومات المقدمة شفهيا من قبل مسئول في جهته التي
يعمل فيها قد تكون المادة التي يسعى الباحث للوصول إليها.
(2) المصادر المادية والمصادر غير المادية.
?
المصادر المادية : تتجسم بمواد حقيقية ذات علاقة بمشروع بحثي معين ومثل
هذه المصادر تعتبر شائعة بالنسبة للمشاريع البحثية في العلوم الطبيعية
مقارنته بالعلوم الإنسانية.
? المصادر غير المادية: تتضمن المصادر
المسموعة والمرئية والمعلومات المتوافرة في ذاكرة الباحث وثقافته وهي
المصادر تكون أكثر شيوعاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.
(3) المصادر السابقة والمصادر الحاضرة والمصادر المستقبلية
?
مصادر المعلومات السابقة: هي تلك المصادر المرتبطة بالمشروع البحثي ولكنها
تخص فترة زمنية سابقة. مثل السجلات الخاصة بالواردات والصادرات في فترة
العشر سنوات السابقة.
? مصادر المعلومات الحالية: هي تلك المصادر التي تعكس الوضع والظروف الحالية بالنسبة لمشروع بحثي حالي مثل نظم الاتصالات الحالية.
?
مصادر المعلومات المستقبلية: وتتجسم في دراسات التنبؤ والتصور المستقبلي
وبالطبع أن بناء واستنباط توقعات مستقبلية اعتماداً علي معلومات حاضرة
يعتبر في حد ذاته مصدراً مستقبلياً مهماً للمعلومات.
(4) المصادر الرسمية والمصادر الشخصية
?
المصادر الرسمية : تتضمن الوثائق الحكومية والسجلات الرسمية والمخططات
والخرائط المرسومة والنشرات وغيرها من الرسميات وهي تقدم معلومات عامة
يمكن للباحث أن يقسمها إلي طبقات حسب بحثه.
? المصادر الشخصية: وتتضمن
الرسائل الشخصية والملحوظات الشخصية وتاريخ الحياة الشخصية، وللمصادر
الشخصية سمات معينة قد تؤثر علي نتائج البحوث المعتمدة عليها فهي عرضة
لتأثيرات الانحيازية والأهواء الشخصية وهذا قد يحرف البحوث بعيداً عن
الدقة المطلوبة ولكن جمع مثل هذه المصادر تكون أقل صعوبة وتكاليف من
المصادر الرسمية.
(5) المصادر الأولية والمصادر الثانوية:
وهي أكثر التصنيفات شيوعا
?
المصادر الأولية: وتتضمن البحوث التي نشرت لأول مرة مثل الرسائل والمجالات
العلمية بالإضافة إلي المقابلات وقوائم الاستبيان والاستقصاء. وهي تقود
الباحث عادةً إلى معلومات أولية عن موضوع البحث أي معلومات مباشرة وآنية
عن الموضوع.
والبيانات الأولية : يقصد بها تلك البيانات التي يقوم
الباحث بجمعها مباشرة لأول مرة للأغراض المباشرة للبحث الذي يقوم به.
ويلجأ الباحث لهذا النوع من البيانات التي تتصف غالبا بأنها أكثر تحديدا
وتركيزا وارتباطا بمشكلة البحث، إذ لا تفي البيانات الثانوية في معظم
الحالات بالاحتياجات التي يتطلبها بحث معين عن مشكلة محددة ويتم جمع
البيانات الأولية إما مكتبيا أوميدانيا أو تجريبيا، باستخدام طريقة أو
أكثر، مثل تحليل المضمون، الاستقصاء ، المقابلة، الملاحظة، التجربة...
الخ.
? المصادر الثانوية: وتتضمن المصادر التي نشرت ملخصات بحوث جمعت
من المصادر الأولية ومن أمثلتها دوريات المختصرات، المراجعات، الكتب
الإرشادية، الموسوعات، والمواد المترجمة، والمقالات. وهذه المصادر تزود
الباحث بمعلومات غير مباشرة وغير أنية عن موضوع البحث.
والبيانات
الثانوية: تلك البيانات المنشورة أو التي تم جمعها وتسجيلها، والمتعلقة
بظاهرة معينة أو موضوع من الموضوعات يقوم الباحث بدراسته. وتتوافر هذه
البيانات الثانوية في الكتب والدوريات والمجلات العلمية، أو لدى بعض
الجهات صاحبة البيانات أو الجهات المتخصصة في جمع البيانات والمعلومات
وتسجيلها كوزارة التخطيط والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ومركز
صنع القرار التابع لمجلس الوزراء وبعض المراكز والمؤسسات الأخرى التي
تتولى قضية جمع البيانات والمعلومات اهتماما كبيرا.
ومن الضروري أن
يميز الباحث بين البيانات المتصلة بموضوع البحث وتلك التي لا صلة لها بهذا
الموضوع علي الإطلاق، حتى لا ينفق وقتاً أو جهداً فيما لا عائد منه.
ويقسم الخبراء البيانات الثانوية إلى :
(أ)
بيانات ثانوية داخلية: مثل إعداد العاملين في مؤسسة من المؤسسات وتوزيعهم
حسب السن والنوع والدخل ودرجة التعليم والفئات الوظيفية ومناطق العمل ورأس
مال المؤسسة وأرقام إنتاجها ومبيعاتها في الداخل والخارج. ويدخل في نطاق
البيانات الثانوية أيضا إعداد طلاب الجامعات والمعاهد العليا وتوزيعهم علي
الكليات والمعاهد وتصنيفهم من حيث الجنس (ذكر، أنثى) وسنوات الدراسة ومحل
الإقامة والتخصص الدراسي .. الخ. ومثل هذه البيانات لا تعطي للباحثين إلا
بموافقة مسبقة وتصريح خاص، نظراً لعدم تداولها، إذ هي تمثل أنشطة خاصة
للجهات الحكومية أو الأهلية.
(ب) بيانات ثانوية خارجية: مثل تلك التي
تتضمنها الكتب والدوريات والنشرات والإحصاءات الرسمية المنشورة، كتلك التي
يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر كل فترة زمنية
معينة وتتضمن إعداد السكان وتوزيعهم علي المحافظات والمراكز والقرى
وتصنيفهم من حيث النوع والمراحل العمرية ومحل الإقامة والدخل والحالة
الاجتماعية .. الخ. ويدخل في نطاق البيانات الثانوية الخارجية أيضا
الإحصاءات الخاصة بالإنتاج والاستهلاك والأسعار والادخار وإعداد الشركات
وأنواعها والجهات الحكومية وتقسيماتها المختلفة والقوانين والقرارات
الوزارية المنشورة في الجريدة الرسمية، وغيرها من البيانات العامة التي
يمكن لأي باحث الحصول عليها دون موافقة مسبقة أو إذن خاص، إذ هي متاحة
ومنشورة وينتقي منها الباحث ما يناسب نوع المشكلة البحثية التي يتصدي
لدراستها.
مزايا البيانات الثانوية:
تتميز البيانات الثانوية بمجموعة من المزايا أهمها:
1- تمثل نتاج خبرات سابقة لا يستطيع أي باحث أن يتجاهلها.
2-
توفر للباحث الوقت والجهد والنفقات، إذ هو لم يبذل أي جهد يذكر في
إعدادها، بل تتاح له دون عناء. وليس أدل علي ذلك من استعانة الباحث بمئات
الأرقام التي ينشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة للإحصاء، أو نتائج
وتوصيات الرسائل الجامعية التي أجيزت في مختلف التخصصات وما تتيحه من
أفكار مستحدثة يمكن الاستعانة بها للانطلاق إلى مجال بحثي جديد.
3-
تتميز البيانات الثانوية أيضا بأنها دورية تيسر الكشف عن التسلسل والتغير
في الظواهر الطبيعية والاجتماعية التي يتعذر علي الباحث الحصول عليها
بمفرده لما تتطلبه من جهود مالية وبشرية ضخمه.
عيوب البيانات الثانوية:
وجه بعض الخبراء عدة انتقادات للبيانات الثانوية مثل:
1- عدم التيقن من وضوح مفاهيمها أو دقة أدواتها.
2- قد تحمل أخطاء في النقل والنشر.
3-
احتمالات أخطاء التصميم والتحليل والتبويب والاستنتاج لعدم كفاءة بعض
العاملين بهذا العمل أو لنقص خبراتهم، مما يستلزم من الباحث ضرورة التأكد
من سلامة الطريقة التي اتبعت في جمع هذه البيانات والكيفية التي تم بها
التوصل الي نتائجها النهائية.
4- عدم اتفاقها أحياناً مع احتياجات
الباحث، نظراً لاختلاف الأهداف التي جمعت من أجلها البيانات في المرة
الأولى عن الأهداف التي يسعى إليها الباحث، أو لاستخدام وحدات قياس
مغايرة، أو للتركيز علي النواحي الكمية دون الكيفية... الخ.
5-
احتمالات تقادم البيانات إلي الدرجة التي يصعب فيها استخدامها للإشارة إلي
ظواهر حالية، بحيث لا يمكن الاستفادة من هذه البيانات إلا في حالة دراسة
التطور التاريخي. أما في حالة دراسة ظاهرة اجتماعية أو إعلامية، فإن
التطور السريع في مفاهيم وعادات وتقاليد البشر وما يشهده القرن الجيد من
وسائل وأساليب اتصالية لم تكن معروفة من قبل، تجعل الاستفادة من البيانات
الثانوية القديمة، قليلة الفائدة والجدوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق