الجمعة، 17 أغسطس 2012

ما هى قصة السامرى ؟

(  فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )
سورة الأعراف آية 176



عَلِمَ فرعونُ مصر أن طفلا من بنى إسرائيل سيُولد .
ويكون زوالُ ملكه على يديه .
فأعطى أوامره المشددة بقتل الأطفال الذين تنجبهم نساءُ بنى إسرائيل ،
وكانت نساءُ بنى إسرائيل تتحايل على مخالفة هذه الأوامر خوفا على أولادها من القتل .
ووضعت امرأةٌ من بنى إسرائيل طفلا ، وخافت 
عليه من القتل . فحملته وعمدت به الى مكانٍ بعيدٍ متطرف ليس به أحد من الناس .
فوجدت المرأةُ كهفا فى هذا المكان الخالى .
وهناك تركت طفلها فى هذا المكان البعيد . ورجعت خوفا من أن يراها أحد.
فظل الطفلُ يبكى ويصرخُ فى هذا المكان القفر .
وليس معه أحدٌ ، ولا يراه أحدٌ غير الله سبحانه الذى يرى جناح النملة السوداء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء .


وأراد الفرعون أمرًا ، وأراد الله أمرًا آخر ..
فأرسل اللهُ جبريلَ 
عليه السلام الى الغلام يُطعمه ويسقيه ثم ينصرف.
وقام جبريلُ 
عليه السلام بما أمره به اللهُ من إطعام هذا الغلام وتربيته.
وقد كان الطفل الصغير ينتظرُ هذا القادم 
عليه "جبريل عليه السلام " حتى يأكل ويشرب .
و بمرور الأيام ..
تعرَّف الطفلُ 
عليه ، وارتسمت صورته فى ذهنه .
ولاحظ الطفلُ الصغيرُ أن جبريلَ 
عليه السلام إذا سار على أى قطعة من الأرض فإنها تخضر وتدب فيها الحياة .
وظل جبريلُ 
عليه السلام يداومُ على ذلك حتى اعتمدَ الطفلُ على نفسه، وخرج للناس وخالطهم .
و عرفه الناس باسم "موسى السامرى" نسبة الى قريته "السامرة"
وتوالت الأيام ..
وكبر "السامرى"
وآمن مع 
موسى عليه السلام ..
وحدث ما حدث من خروج بنى إسرائيل من مصر ، يقودهم 
موسى عليه السلام.
وتبعهم الفرعونُ وجنودُه ليقتلوهم .



وأمر الله عبده ونبيه موسى عليه السلام ألا يخاف من ذلك ،
وما عليه إلا أن يطمئن ، ويلقى بعصاه فى البحر .
ففعل موسى عليه السلام ، فانقسم البحرُ الى جبلين عظيمين من الماء الجامد ، وبين الجبلين طريقٌ ليسيروا عليها .
وسار موسى عليه السلام ومَنْ معه على الماء الجامد .
وكان الفرعونُ يركبُ فرسَه، فلما رأى ما رأى علم أن هذا أمرٌ خارقٌ للعادة ووقف بفرسه حتى لا يغرقَ فى البحر ..
فأمر اللهُ جبريلَ عليه السلام أن ينزل راكبًا مهرة ، فلما رآها حصان الفرعون اندفع يجرى وراء مهرة جبريل عليه السلام فأغرق الله الفرعون .. وكانت نهايته فى ذلك .
وكان السامرى يمشى مع موسى ومع بنى إسرائيل على الماء الجامد ، فلما رأى السامرى جبريلَ عليه السلام على مهرته عَرِفَه ، فرجع مسرعًا وأخذ حفنةً من آثار مهرة جبريل عليه السلام .
وأُلقى فى رَوْعِهِ أنه إذا ألقاها في شيء ، فقال له : كن فيكون .
وقبض عليها جيدًا بيده. ثم تابع السير مع بنى إسرائيل .

وبعد نجاةِ موسى عليه السلام وقومِه من الفرعون ، وأصبحوا على الجانب الآخر من البحر رأوا أناسًا يعبدون أصناما لهم .
فطلبوا من موسى عليه السلام أمرًا عجيبًا ، وهو أن يجعل لهم إلهًا كما لهؤلاء الناس آلهة ... ويا حبذا لو كان عجلا .
فزجرهم نبى الله موسى عليه السلام وأعلمهم أن الله لا يتجسد فى هذه الأشياء الضعيفة التى لا تنفع ولا تضر .
ووقعت فكرةُ صناعةِ العجل فى نفس السامرى حتى يعبده قومه .
وكانت العقبة الكبيرة التى تقفُ سدًا منيعًا أمام هذه الفكرة هو وجود موسىعليه السلام .
وبينما كان السامرى تُسولُ له نفسُه بما عَزَمَ عليه من صناعةِ العجل لقومه .... واتته الفرصةُ ..
فلقد أعلن موسى عليه السلام أنه ذاهبٌ الى لقاءِ ربه وأنه استخلف عليهم أخاه هارون عليه السلام ..
وأوصاهم أن يسمعوا له ويطيعوا أمره ، وألا يقطعوا أمرًا بدونه أبدًا فوافقوا على ذلك ..
بل رحبوا بذلك أشد الترحيب ،
فقد كان هارون عليه السلام رجلا محببا إلى قومه ..
وأوصاه موسى عليه السلام أن يختارَ لهم ما يصلحهم .
وخرج موسى عليه السلام الى لقاء ربه وهو مطمئن على شعب بنى إسرائيل . وكان على شوقٍ للقاء الله فتعجل الى لقاء ربه ، وما علم موسى عليه السلامبما سيحدث لقومه حتى أخبره ربه .

بمجرد رحيل موسى عليه السلام ..
اعتبر السامرى ذلك الأمر فرصةً لا تُعوض.
وأخذت نفسهُ المريضة تسولُ له أن يستغلَ تلك الفرصة ليصنعَ عجلا لبنى إسرائيل ليعبدوه ،
وإذا كان موسى عليه السلام قد ذهب للقاء ربه . فربما لا تتكرر هذه الفرصة مرة أخرى . فأخذ يدبر ويفكر وتسول له نفسه بما هو مقدم عليه ..
جاءته الفكرةُ الشيطانية فقد علم أن بنى إسرائيل حين خروجهم من أرض مصر هربا من الفرعون قد تركوا بيوتهم و ممتلكاتهم ..
فاتفقوا على أن تأخذَ نساؤهم حُلِىَّ وذَهَبَ النساء المصريات ، كتعويضًا لهم عن ممتلكاتهم ، فأوهموا المصريين أن لهم عيدًا يحتفلون به فأعطت كلُ امرأةٍ مصريةٍ ذَهَبَهَا الى مَنْ تعرفُها من نساء بنى إسرائيل ..
ومرت هذه الحادثة لكنها ظلت تؤرق نفوس بنى إسرائيل ،
فمر عليهم السامرى وقال لهم لن يرضى عنا الإلهُ ، بعدما سرقنا ذهب النساء المصريات ..
قالوا له : وماذا ترى ؟!
قال السامرى : تذهبون الى هارون وتطلبون أن يحفر حفرة كبيرة وتضع كل واحدة ما معها من الذهب فى الحفرة ..
وأخذ السامرى ينفخ فى هذه الفكرة حتى أصبحت مطلبا شعبيا منهم لدى هارونعليه السلام ..
وحفر هارون عليه السلام حفرة كبيرة وألقت كل امرأة الذهب الذى معها .
وحدث ما لم يكن فى الحسبان ..
فلقد أتى السامرى ومعه القبضة التى قبضها من أثر جبريل عليه السلام.
وقال لهارون عليهالسلام : أريد أن أُلقى ما فى يدى وتدعو الله أن يحقق مطلبى ؟!
وكان السامرى حتى هذه اللحظة يبدو كرجل صالح ..
فدعا له هارون عليه السلام أن يحقق الله له مطلبه وأن يستجيب لطلبه.
فألقى السامرى قبضته داعيا أن يتحول الذهبُ الى عجلٍ له صوتٌ كصوت البقر تماما ..
وكانت المفاجأة أمام أعين بنى إسرائيل وأمام هارون عليه السلام أن الذهب قد تحول إلى عجل له خوار البقر والعجول .
فأخذ السامرى يصيح بأعلى صوته : هذا إلهكم واله موسى .
وتطورت الأحداث بصورة مذهلة ..

انجرف الناس إلى عبادة العجل والسجود له ..
وكانت الريح كلما دخلت من دبر العجل.
وكادوا أن يقتلوا هارون عليه السلام .. تخرج من فمه صانعةً صوتًا يشبهُ صوتَ البقر ..
فيزدادون فتنة وسجودا لهذا العجل ..
وعبثًا حاول هارون عليه السلام أن يرجعهم عن هذا الضلال المبين رغم أنه اعترض عليهم بأقصى ما لديه من قوة وطاقة .
لكن القوم قد اختاروا طريق الضلال والغواية وعبدوا العجل الذهبى
وأعلنوا وجهتهم قائلين :
لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى .
فإما أن تعبده معنا أو تنصرف عنا .
فظل ينادى عليهم قائلا : أتعبدون عجلا لا ينفع ولا يضر ؟!
أهذا ما أوصاكم به موسى من طاعتى ؟!
فقال له السامرى وهو يتزعم عبيد العجل : إن هذا هو إله موسى ولئن رجعموسى عليه السلام ليعبده معنا ولسوف يشكرنا .
فاعتزلهم هارون عليه السلام ولم يستطع أن يقف أمام هذا التيار الجارف من الضلال .

ظل موسى عليه السلام فترةً طويلةً غائبًا عن قومه ، ولم يكن على دراية بما حدث لقومه ، فأعطاه الله الألواح المكتوب عليها التوراة وأمره أن يرجع الى قومه الذين ضلوا .
وأخبره الله أن السامرى قد أضلهم بعبادة العجل .
فتعجب موسى عليه السلام ، وحمل الألواح ورجع الى قومه ..
فلما اقترب من ديار بنى إسرائيل سمع تصفيقًا وصفيرًا ..
واقترب أكثر وأكثر فرآهم مجتمعين يرقصون فى حلقات كبيرة لهذا العجل الذهبى .
ومع علم موسى عليه السلام المسبق بهذا الضلال ، إلا أن - وكما يقول القائل - ليس من رأى كمن سمع ..
فإن موسى عليه السلام حين رأى ذلك بعينيه ، غضب غضبا شديدًا وعظم غضبه ..
حتى نسى أنه يحمل ألواح التوراة ، فألقى الألواح جانبا وزجرهم زجرًا شديدًا ، فلما رأوا موسى عليه السلام   قطعوا حلقاتِهم وعبادتِهم وألقى الله فى نفوسهم هيبةً كبيرةً فما استطاع منهم أحدٌ أن يرفع رأسه فى وجهه .
وطأطأت الرءوس من الذل ..
وحين علم هارون عليه السلام بقدوم أخيه ذهب إليه مسرعا يخالطه أمران فرح وخوف ..
أما الفرحُ فكان لقدوم أخيه المحبب لديه ، وبذلك ستزول الفتنة.
وأما الخوفُ فلأن موسى عليه السلام شديدَ الغضب ، وكان شديدَ الهيبة فى نفس هارون عليه السلام ،
أما موسى عليه السلام فحين رأى أخاه هارون عليه السلام ، انفجر فى وجهه قائلا : كيف تركتهم يفعلون ذلك ؟ ولماذا لم تنهاهم عن ضلالهم ..
وأخذ برأسه وبلحيته وهو فى حالة كبيرة من الغضب .
فقال هارون عليه السلام : إن القوم استضعفونى وكادوا يقتلوننى .
فتركه 
موسى عليه السلام ..
فأكمل هارون عليه السلام قائلا : ولقد انتظرت حتى تأتى بنفسك فتنظر فيهم ما تفعل بنفسك ..
فإنى خشيت أن أمنعهم بالقوة فينقسم الناس الى فريقين ..
فريق معى وفريق مع السامرى فتحدث مقتلة عظيمة يموت فيها الكثير فتأتى وتقول أننى فرقت بين بنى إسرائيل ولم تنتظر قولى ..
تركه موسى عليه السلام ..
ثم التفت الى زعيم عبيد البقر " السامرى " وقال له :
وأنت .. فما خطبك يا سامرى ؟!
فقال السامرى : لقد بصرت بعينى ورأيت المَلَكَ (جبريل) الذى أغرق الفرعون وعلمتُ بما لم يعلم هؤلاء القوم .. فأخذت قبضة من أثره
ثم قذفتها على الذهب ..
ثم تابع فى ذل وانكسار : وكذلك سولت لى نفسى .
فقال موسى عليه السلام : اذهب مطرودا ملعونا من بيننا ولسوف لا يعاملك أحد ولا تمس أنت أحد ..
لا مساس .. لا مساس
ثم التفت الى قومه مشيرًا الى العجل الذهبى ..
أهذا هو الإله الذى نجانا من الفرعون ..
أفى كل موطن لا تعقلون ؟!
ألا ترون أنه .. لا يسمع ، لا يبصر ، لا يرد عليكم لو كلمتموه ، لا ينفع ، ولا يضر
ثم أمر موسى عليه السلام قومه بأن يأتوا بالمبارد ،
فبردوا العجل الذهبى حتى صار مسحوقًا كالغبار ..
ثم حرقه أمام أعينهم ... ثم قذف المسحوق فى البحر ..
وبذلك لم يعد من هذا العجل شيئًا ..
لقد نسفه موسى عليه السلام نسفًا تاما .

أما السامرى ..
فقد ألقى الله الخوفَ والرعبَ فى نفسه، فخرج من قومه يجرى كالمجنون وهو يقول : لا مساس .. لا مساس
وكان الناسُ يرونه فيتذكرون ذنبَهم الكبير فيقذفونه من بعيد بالطوب والحجارة .
وأصبح كالكلب الأجرب لا يقربه أحدٌ ولا يقرب أحدًا .
وظل السامرى يجرى حتى وصل الى البرارى والأماكن القفرة ، لا يمسه أحد ولا يمس هو أحد .
وكان الجزاء شديدًا لكنه من جنس عمله ..
فكما اجترأ على أن يمس قبضةً بلا إذن من الله .
فعاقبه الله أن يمتنع عن مس الناس والقرب منهم ..
لأنه كان خائنا فى مسه للأشياء ..
وكما أحب الزعامة بلا وجه حق .
فقد حكم الله عليه أن يعيش طرديدًا كالحيوانات الضالة .
.................
وكان الفرق كبيرا بين موسى عليه السلام وبين موسى السامرى ...
*
فموسى عليه السلام الذى ألقته أمه فى التابوت ورباه الفرعون، أصبح نبيًا عظيما ورسولا من أولى العزم من الرسل .
*
أما موسى السامرى الذى ألقته أمه فى الكهف فرباه جبريلُ عليه السلام ، انتهت به الأحوال كما نرى شاردًا كافرًا ملعونًا عند الله والناس ..
فإن الهداية والضلال بيد الله وحده وليس لأحد دخلٌ فى ذلك، مهما حاولت فإن الهداية والضلال بيد الله وحده ..
ونحن نرى أن الأبوين قد يكونا صالحين ، ويكون أولادهما على غير ذلك . والعكس صحيح ..
إن الإنسان لا يهدى من يُحِب ، ولكن الله يهدى من يشاء .
والتقط الشاعر العربى هذا المعنى العظيم وتلك المفارقة الواضحة فقال :
إذا لم تُصادف فى بنيك عنايةً
فقد كذب الراجى وخاب المؤمِلُ
فموسى الذى رباه جبريل كافرُ
وموسى الذى رباه فرعون مُرْسَلُ
وقد سجل القرآن الكريم قصة السامرى والعجل الذهبى فى سورتين كريمتين سورة الأعراف وسورة طه ..
فقال الله تعالى فى سورة طه:

"
وما أعجلك عن قومك يا موسى . قال هم أولاء على أثرى وعجلت إليك رب لترضى . قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامرى. فرجع موسى الى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدى . قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامرى .فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى . أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا . ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعونى وأطيعوا أمرى . قالوا لن نبرحعليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى . قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا . ألا تتبعن أفعصيت أمري . قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي . قال فما خطبك يا سامري . قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي . قال فاذهب فان لك في الحياة أن تقول لا مساس وان لك موعدا لن تخلفه وانظر الى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه  فياليم نسفا ." سورة طه 83 – 97

http://www.4x-ray.com/vb/showthread.php?p=24040

هناك تعليق واحد:

  1. من أين اتيت بقصه " موسي السامري " الذي تقول ان جِبْرِيل رباه ؟؟؟ إتق الله

    ردحذف