كتبت - سهير بشناق - لم تكترث احدى المعلمات في روضة خاصة بقدوم احد الطلاب يوميا الى الروضة مع الخادمة الفلبينية الجنسية والتي تاتي لاصطحابه ايضا من الروضة عند انتهاء الدوام ، لكنها تفاجأت واثناء اجتماع اولياء الامور بان الخادمة حضرت للسؤال عن الطفل لانشغال والدته وسفر والده .
الطفل البالغ من العمر خمس سنوات - وتبعا لمعلمته – كان يخبرها بانه يقضي معظم وقته مع الخادمة لان والدته لا تعود الى المنزل الا قبل ان يخلد للنوم بقليل وانه يحب الخادمة كثيرا فهي التي تجلس معه تتابع دروسه وتهتم باموره .
المعلمة التي رفضت الحديث للخادمة قامت باستدعاء والدة الطفل في اليوم التالي وبشكل طارىء فتفاجأت بردة فعل الام التي اعتبرتالامر طبيعيا وانها دائمة الانشغال وان الخادمة بمثابة ام لطفلها ومربية له وقد احضرتها لتتولى متابعة جميع شؤونه .
وعندما سالت المعلمة الام ماذا سيفعل الطفل ان سافرت الخادمة ، جاء رد الام بانها لن تسافر في الوقت الحالي ولا تفكر بالامر لان طفلها متعلق كثيرا بها .
هذا السلوك من قبل بعض الامهات اصبح بالنسبة لديهن مسلك حياة يعتمدن من خلاله على الخادمات بتربية اطفالهن وتلبية جميع احتياجاتهم الاكاديمية والترفيهية والعاطفية والنفسية لتحل الخادمة مكان الام التي لا تعرف شيئا عن طفلها سوى رؤيته وهو نائم .
قضية الطفل تعيدنا الى قصة الطفلة التي غادرت المدرسة برفقة ام صديقتها بعد ان اتنظرت طويلا امام بوابة المدرسة ولم يات احد من افراد اسرتها لاصطحابها وبقيت في منزل صديقتها حتى صباح اليوم التالي ووالدتها تعتقد بانها نائمة في سريرها ولم تكتشف ماحدث الا بعد ان اتصلت مديرة المدرسة بها تسالها عن ابنتها .
هذه القضايا الاسرية التي تدل على مدى اهمال بعض الامهات لاطفالهن ترتبط بشكل مباشر بمفهوم التربية الخاطىء للأطفال الذي من خلاله توكل الام مهامها الرئيسية الى الخادمات والمربيات بشكل كامل وتنسى دورها في حياة اطفالها لينسوا هم بدورهم معنى وجود الام تدريجيا ويصبح تعلقهم بالخادمات واضحا ليتعرضوا لصدمة نفسية شديدة بعد سفرهن والشعور بالوحدة والاحباط .
المرشدة التربوية رزان حسونة اشارت الى خطورة هذه القضية في حياة الاطفال معتبرة ان اهمال الامهات بواجباتهن حيال اطفالهن اصبح مظهرا اجتماعيا لا يخجلن منه .
واضافت ان التاثيرات النفسية الكبيرة التي تلحق بالطفل خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة نتيجة ابتعاده عن والدته حتى بالرغم من عيشه معها لا يمكن تجاهلها وتترك اثارا سلبية على نفسيته وتنشئته سواء كانت الجوانب العاطفية او الاكاديمية او في تواصله مع الاخرين .
واعتبرت ان الطفل بحاجة الى وجود والديه الى جانبه يشاركانه في تفاصيل حياته اليومية التي تبدا من لحظات تجهيزه للذهاب الى المدرسة وتنتهي عند اصطحابه من المدرسة وتناول وجبة الغذاء والحديث عن يومه المدرسي بكافة تفاصيله وهو دور لا يمكن للخادمة ان تقوم به كما يجب لان الطفل ليس ابنها ومهما احبته لن تكون مبالية بمشاركته تفاصيل يومه كوالديه .
ونبهت حسونة الى خطورة ترك مسؤولية تربية الاطفال بشكل كامل للخادمات مؤكدة ان الطفل له الالوية الاولى بحياة الام وعلى الام العاملة ان تجد وقتا كافيا لاطفالها ومتابعة شؤونهم .
واشارت الى ان الطفل الذي يرتبط عاطفيا مع الخادمة سيصاب بحزن كبير بعد سفرها وهو جانب تهمله الامهات معتبرات بان اطفالهن يتاقلمون مع اي خادمة جديدة وهو الامر الذي يحدث اذا كانت علاقة الطفل بالخادمة في حدودها الطبيعية بحيث تقضي معه اوقاتا محددة ولا تشرف على جميع تفاصيل حياته في حين ان الطفل المعتمد كليا على الخادمة فانها تحل مكان والدته وسيترك سفرها اثرا نفسيا سلبيا عليه .
الدكتورة ميسون عكروش اخصائية تربية وطفولة قالت ان الطفل في مرحلة الطفولة الاولى يحتاج الى جو اسري منظم حيث ان القول بان الوالدية جدارة ومسؤولية هو قول يعكس معاني المسؤولية التي يتحملها الاباء والامهات تجاه اطفالهم .
واضافت ان الاساس في الطفل المعافى هو ان يكون نتاج اسرة سعيدة فالاطفال يبداون بتلقي المهارات والخبرات والتقاليد وتكوين العادات الاجتماعية الانفعالية والاجتماعية نحو الاخرين في اسرهم مشيرة الى ان هذا الامر يعني ان الاطفال بحاجة في هذه المرحلة للتزود بالخبرات المباشرة حيث تؤكد ابحاث الدماغ ان العلاقة الاولية الصحية بين الطفل واسرته تكون نظاما من الحالات الانفعالية التفاعلية المميزة تعمل على تحريك الخلايا العصبية الدماغية نتيجة التفاعل والعلاقة الصحيحة فتعززها وتنشطها وتنميها .
واشارت عكروش الى ان عمل المراة وخاصة الامهات في هذا الوقت وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة اصبح له دور اساسي في تحسين الظروف المعيشية للأسرة مشيرة الى ان وجود الخادمات لدى الامهات العاملات وغير العاملات اصبح مظهرا طبيعيا لا يخضع لمقياس المراة العاملة وانما لسلوكيات تؤدي الى شعور الابناء بالاهمال وعدم الاهتمام بهم او عدم حمايتهم او تقديرهم .
واذا كانت بعض الامهات يوكلن مسؤولية تربية اطفالهن بشكل كامل للخادمات ولا يقضين اي وقت مع اطفالهن ولا يشاركنهم افراحهم ولا غضبهم ولا لحظات لعبهم ولا يسهرن على مرضهم ولا يتابعن شؤونهم في المدرسة او الروضة ... فهل يستحقن ان يحملن كلمة « ام « .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق